ترجمة: نجاح الجبيلي صدرت المجموعة الشعرية الجديدة "القيد الإنساني" للشاعر الأيرلندي سيموس هيني الفائز بجائزة نوبل 1995 والبالغ 71 سنة وقد راجعها "كوم تويبن" في صحيفة الغارديان.
في بواكير التسعينيات بدأ سيموس هيني يتأمل في كيفية التعامل مع مرور الزمن وموت العائلة والأصدقاء. وفي محاضرة له يعقد معارضة بين قصيدة فيليب لاركن"الاحتفاء بالفجر"، التي يأتي الموت فيها مظلماً ومطلقاً وتبدو الحياة تحضيراً مرتعشاً مخيفاً للانقراض، مع قصيدة "السماء الباردة" لييتس التي تحتوي على حوار غني بين فكرتي الحياة قرنا للخصب والحياة قشرة فارغة. يرى هيني أن الشعر نفسه، مهما كان محتواه أو نغمته، يتحدى الفكرة الرتيبة للحياة كونها عماءً كبيراً. في المجموعة الشعرية الجديدة "قيد إنساني" وهي أفضل مجموعة له منذ عدة سنوات، يسمح هيني لهذا الصراع بين "المعاناة" و عزاء الشعر في أن يحتوي على قوة مقنعة. الذاكرة هنا يمكن أن تمتلئ بنغمات الأسف وحتى النغمات الخفية من الألم المبرح، لكن يمكن أن تظهر مع حس بالعجب صعب المنال. هناك حافز فعال للإمساك بالنَفس الحي للأشياء لكنه يقرّ الحزن أيضاَ في قصائده. إن البناء الشعري الذي يبدو أن هيني يلجأ إليه غالباً هنا هو المستعمل أيضاً في مجموعة " رؤية الأشياء": فهو يحتوي على أربعة مقاطع شعرية (ستانزا) وكل مقطع يتكون من ثلاثة أبيات، أي سونيتة بلا مزدوج (كوبلت). يقدم هذا النظام نوعاً من التفكيك والتطويف ورفض الإقفال والنهاية. إنه يعني أن نهايات القصائد يمكن أن تحتوي على عواطف معينة وحبس النفس،"جمع غير المنطوق من الملموس" كما كتب هيني في قصيدة " قوس الحصاد". أحياناً ،وعلى الرغم من مسعاه في الحصول على العزاء، كأنّ كل شيء جرى تذكره قد أخذ لبّه من أجل الكلام.ويظهر هذا واضحاً في مرثية إلى المغني الإيرلندي "ديفيد هاموند" التي تحتوي على أربعة من هذه الستانزات المكونة من ثلاثة أبيات فضلاً عن بيت آخر. إنها القصيدة التي يبدو فيها الصراع بين المرثاة الخالصة والبحث عن الراحة في الصور في غاية التركيز. كان الباب مفتوحاً والبيت مظلماً لذلك هتفت باسمه على الرغم من أنني عرفتأن الجواب هذه المرة سيكون الصمت.جعلني ذلك أصغي بينما ظهر للخلف والأسفل وخارج الشارع إذ حين دخلت ( أتذكر الآن)كانت مصابيح الطريق مطفأة. لو أن هناك روحا عليا تلاحق الكتاب فإنها روح "فيرجيل" في "الإنيادة". يشير هيني في كتاب "خطو الصخور"، وهو مجموعة من المقابلات أجراها معه دنيس أودريسكول، أن "هناك رحلة فيرجيلية واحدة كان حقا لها حضور ثابت وهي مغامرة "إنياس" في العالم السفلي. موتيفات الكتاب الرابع كانت في ذهني لعدة سنوات – الغصن الذهبي، بارجة شارون، رحلة لقاء ظل الأب". إن "القيد الانساني" هو كتاب من الظلال والذكريات عن الأشياء الهامسة والرحلات داخل العالم السفلي والمراثي والترجمات والأصداء والصمت. وفيه يستحضر أشباح ثلاثة رسامين – كولن مدلتون ،نانسي واين جونز ،ديريك هيل- قضوا حياتهم وهم يعملون مع الضوء والطقس الايرلنديين. قصيدة "نشيد المغامرة" تصف رحلة بسيارة إسعاف بعد المعاناة من نوبة قلبية وتستحضر ، بتوقير رقيق،جون كيتس الذي كتب في قصيدة متأخرة " هذه اليد الحية الآن دافئة وقادرة على الإمساك الجاد". يصف هيني:يدي التي كانت مرة بارعة ودافئة،اليد التي لا أشعر أنك ترفعها وتغلفها بيدك خلال تلك الرحلةحين تخمد ثقيلة تماماً مثل حبل الجرسالقصيدة الأكثر طموحاً في الكتاب هي مواجهة بارعة ومثيرة مع الكتاب الخامس من الإنيادة مع وصف لكيفية العثور على نسخة مستعملة من الكتاب في بلفاست وأخذها عبر إيرلندا الشمالية. تتحرك القصيدة ببطء داخل العالم السري ("كان عصر الأشباح") إذ تلتقي من بين الآخرين بلويس أونيل أحد الموتى المقتولين في قصيدة "مشاكل" وهو موضوع قصيدة هيني الأخرى " الإصابة" وتتجول في عالم من الذاكرة الظليلة كي تبرز في قصيدة أخيرة حول مولد أول حفيد. هناك قصيدة "فك الارتباط"- لوحة مزدوجة في ذكرى أبيه وأمه- تمتلك كل ذلك الجمال الهادئ للوحة هولندية أو أغنية لشوبرت. يتكون جزءا القصيدة من ستانزات أربعة مألوفة تتكون من ثلاثة أبيات وكلاها تبدأ بثلاث كلمات في الانكليزية " Who is this مَنْ هذا" إذ تقدم صورة شبحية مفردة من الذاكرة تحوم أحيانا بين ما جرى فقده وما جرى الآن العثور عليه. الجزء الأول يصف أمه تحمل نفاضة سيجاير من البيت إلى حفرة الرماد؛ وتقدم صورة للوقار الهائل البعيد الذي يسمح للرماد كي يكون "غباراً مبيضا ورقائق ما زالت تفور حارة". الجزء الثاني هو صورة لوالده "لا أعلى بكثير من سرب الماشية/ شاقاً طر
الصراع بين الذاكرة والفقدان فـي مجموعة (القيد الإنساني) لسيموس هيني
نشر في: 2 أكتوبر, 2010: 05:07 م