وديع غزوانبغض النظر عن موقف بعض الأطراف من طريقة اختيار نوري المالكي مرشحاً لرئاسة الحكومة، فإن الإعلان عنه بحد ذاته وضع حداً لجدل امتد لزهاء سبعة أشهر ومناقشات ومحاورات لا نظن أنها كانت يمكن ان تسفر عن نتيجة.
لا نريد ان ندخل طرفاً في هذا الموضوع او يفهم من حديثنا هذا انه انحياز لطرف من دون آخر، بل ان النظر الى القضية من زاوية مصلحة العراق تتطلب موقفاً ينهي حالة العقم في الجدل السياسي الذي طال أمده، حتى صرنا نسمع من يصرح هنا وهناك عن عجز الأطراف السياسية عن اتخاذ موقف إزاء هذا الموضوع ويدعو الى مساعدة أطراف عربية وإقليمية ودولية، دعوات كانت في الغالب مؤطرة بميول واتجاهات الداعين لهذا الطرف او ذاك.. المهم نحن هنا لسنا مع طرف من دون آخر بقدر ما نعتقد ان إعلان الترشيح أنهى حالة السلبية التي طبعت مفاوضات الكتل الفائزة، ولا أبالية اغلبها من المبادرات التي انطلقت هنا وهناك وآخرها مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وأكثر من ذلك ما نتمنى ان يؤدي إليه ذلك الإعلان عن شحذ همم القوى السياسية الأخرى وحزم أمرها باتجاه تحديد موقفها واضحاً من دون لبس.وفي ضوء مواقف بعض الفرقاء السياسيين المعلنة من قضية ترشيح المالكي الرافض او المتحفظ على آلية وطريقة الإعلان تلك، فان تعامل هؤلاء الفرقاء مع الموضوع على وفق الآلية الديمقراطية، قد يخرج العراق مما هو فيه، فينتج حكومة شراكة وطنية حقيقية يتفق على رئيسها ووزرائها، وبرلماناً فاعلاً لا تعيق أداء دوره الرقابي التوافقات، ونحسب ان التعاطي ديمقراطياً وبعيداً عن الموقف المتشنج والمزايد وغير المسؤول يمكن ان يعطي رسالة ايجابية في الداخل والخارج تعزز ثقة المواطن بالعملية السياسية من جهة، وتسهم في إفشال مراهنات بعض القوى المبنية على تعميق خلافات الفرقاء السياسيين من جهة أخرى.من حق كل طرف ان يبدي ملاحظاته ويعلن صراحة عن رأيه، ولكن من حق العراق والعراقيين أيضاً على تلك القوى ألاّ تحول هذا الحق الى معرقل لتشكيل الحكومة ومزاولة مجلس النواب دوره الذي ينتظره الجميع، كلنا نتمنى ان تكون المرحلة القادمة مليئة بالمنجزات على الصعد كافة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وان تتناسب معطياتها مع سنوات الصبر، وهذا لا يتحقق من دون نخب سياسية قادرة على تجاوز أخطاء الماضي، والمساهمة كلاً من موقعه في ترسيخ البناء الجديد للعراق، ونحن على ثقة بأن كل كيان سياسي قادر على ان يضع بصمته الواضحة في مسيرة السنوات القادمة، سواء كان منصب رئيس الوزراء من حصته أم لا، ومهما كان عدد ما سيحصل عليه من مواقع في الحكومة، إذا ما وضع برنامجاً يفعل من خلاله أداء أعضاء مجلس النواب داخل قبة البرلمان، وكلما كان موقفه متميزاً لصالح شعبه، ليس في ما نقول من مثالية، لان تجارب من سبقنا في مجال التطبيق الديمقراطي أكدت ان فضاء الحرية الرحب هو الوحيد الذي يمكن ان يحافظ على الهواء نقياً لنمو التجربة الجديدة في العراق وأي خيار غير ذلك معناه عودة بالبلاد الى الوراء وضياع أمنيات قدمنا الكثير لمجرد ان ترى النور.. إعلان جهة عن مرشحها فرصة ليعاود مجلس النواب انعقاد جلساته، وهو يعطي للآخرين فرصة الإعلان عن مرشحيهم والاحتكام للدستور لاختيار الأصلح لقيادة البلاد على وفق مبدأ الشراكة الحقيقية وليس من دونها.
كردستانيات: فضاء الحرية
نشر في: 2 أكتوبر, 2010: 07:26 م