TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك :(حكاية ديكتاتورية)

هواء فـي شبك :(حكاية ديكتاتورية)

نشر في: 3 أكتوبر, 2010: 09:30 م

 عبدالله السكوتي هذه حكاية من زمن ممتلىء بالكراهية، والقسوة وصعوبة الحياة، نمت في مدينة جنوبية، حتى كبر قلبان كانا غضين لطيفين، قلب حسين ابن سيد حصموت وقلب شمعة ابنة احميدي السالم التي رأت حسين في احدى المرات،
ولم تفعل ما تفعله النساء في الزمن الصعب حيث يجلسن حياء ولا يتحركن فتظهر مفاتنهن، لكن شمعة وقفت وتقدمت من حسين وقبلت يده، فبهت الشاب وعاد يردد:(بو انخيله اعلا المتن وتلاليهم العليّه جن جبل وتلالينكطة نده ابورقة شهف وتلاليوابطيبها ايعيش السعد والاخضر)عندها علم سيد حصموت بما يلاقي ابنه فذهب خاطبا لبيت احميدي السالم، ولكن احميدي احتج بانهم لا يزوجون الغرباء فعاد السيد منكسرا حزينا وهو يسمع ابنه يردد:(بو انخيله اعلا المتن بطوالهوشبه الكحيله الرابيه بطوالهكف الحجي مالك غرض بطوالهالليل طرّف والفجر بان انظر)ثم أسلم الروح حباً والماً، ليحظى السيد حصموت بألم أكثر، حيث ارتفع عويله وهو يقول:(بو انخيله اعلا المتن من ديرهاو وجع البضلعك ليجبيلك ديرهيل ما حفظتي احسين غمج ديرهعميت اشطوطج والشجر ما خضر)ثم غادرها ولم يساكن اهلها في جوار، هذه الحكاية تعكس وجهة نظر البغض والكره والأنانية التي كانت سائدة، نتيجة الحيف والظلم والاستلاب، ما عزز تفكك المجتمع وانفصام عراه؛ من المؤكد ان العقليات تختلف باختلاف الظروف المحيطة والظلم والاقطاع اكبر شاهد على تحجر قلوب أبناء العشيرة الواحدة، حيث يرتقي أحدهم على جراح الاخرين فينتزع كرامتهم ويحاول اذلالهم بشتى السبل.ليست الديمقراطية لفظة حكم الاغلبية فحسب ولكنها ثقافة متطورة تعطي للمرأة انسانيتها فلا تجعلها تجلس في الارض وكانها شيء منبوذ عند مشاهدة الرجل، بل تعطيها الحق في مجالسته في مكان واحد وفي مجلس واحد، كمال تعطي الحقوق المدنية لجميع فئات الشعب، بلا اضطهاد او تسلط او استلاب، هذا المنهج المتطور الذي اخذ بيد المجتمعات نحو الرقي لا يمكن له ان يعيد مأساة (حسين) او (شمعة) التي ماتت هي الاخرى لفراق حبيبها، ولا يعطي الحق للجهلة بالاعتداء على حقوق الناس ومصادرتها.المفهوم الجميل لا يعطي من ابتنى بيتاً في طريق المدرسة حقاً في مصادرة حقوق الاطفال وسيرهم على الرصيف، حين صادره وضمه الى بيته، ان الديمقراطية هي ثقافة من نوع متطور وسلوك متحضر يتطلب شعباً واعياً او في الاقل يتقبل الوعي، والديمقراطية حق للجميع، عليه ان يطمع بممارساتها بدون الاساءة الى الاخرين فهي تضمن حق المتكلم، لكنها تتطلب كلاماً متزناً ومن غير المعقول ان نتفوه بالتفاهات ومن ثم نأتي بالديمقراطية حجة على كلامنا البذيء، في الديمقراطية لا يمكن لسائق السيارة ان يصادر حقوق الاخرين ويسلك الطرق المتعرجة، ولا يمكن لصاحب المولدة ان يغذيها بالنفط الاسود لتحترق وتخطف ارواح ثلاثة من الشباب المارين في الطريق، والديمقراطية هي نصيرة حقوق الانسان حين نخرج في التلفزيون ونطالب بحقوقنا كاملة، بعد ان كنا ممنوعين من الكلام، واخيراً فالديمقراطية حديقة العشاق بلا فراق او عنجهية، ولنأخذ عبرة ونرى الآخر كما نرى انفسنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram