إحسان شمران الياسري عندما دخلتُ أحد المشاتل في شارع فلسطين، هتفتُ: رباه.. ما أعظم جمال جّنتك إذا كان هذا الجمال في الأرض.. فمن شارع ساخن، وصاخب، تدخل فجأة إلى فردوس اسمه (المشتل). الزهور منظمة تفوح عطورها، وتزدهي ألوانها.. والشتلات المتنوعة،
والأبصال بمختلف الأحجام والألوان والأنواع.. والأواني الفخارية والنافورات. وأحياناً، توضع طيور الزينة لتزيد المكان جمالاً ورقّة.. جمال المشاتل يعبّر عن المكان وعن الذوق وعن المهنية، وعن الجهد المبذول..والمشاتل أمكنة في المدينة، من ترابها تنبت، ومن مائها تُسقى، وبأيدينا نصنعها، ونبدع فيها.. فما بالكِ يا أمانة بغداد، ويا بلدياتنا الأخرى لا تبلين بهذا الجانب من نشاطك؟؟ فبدلاً من زراعة الدُفلى، ازرعي الزهور والأوراد، في الشوارع والساحات العامة. وحتى تلك التي تُبذل فيها الجهود في بداية إنشائها، لكي يفتتحها المسؤول وتصوّرها الكاميرات، تنتهي بعد حين، وتأخذ منها السبخة واليباس مأخذه.. في مدن قريبة منّا، ومن مناخنا، تحتشد الزهور والشتلات و(الثيل) في الشوارع، حتى تظن إنك في (مشتل) كبير أسمه (إسطنبول) أو (دبي)، والبعض من شوارع (بيروت).. ولكن للإنصاف، لإسطنبول قصة أخرى مع الخضرة التي لا تنتهي، ومع الورود التي ظننت أول مرة إنها ورود صناعية حتى أمسكُتها بيدي، وعصرتها لكي تنّز ماءً فأعرف إنها ليست صناعية..يتحدثون اليوم عن التعاقد مع شركة برتغالية لترتيب شوارع بغداد وتزيينها.. يعني مليارات الدنانير ستذهب إلى (الأشقاء) البرتغاليين، معربين عن عجزنا الكامل عن تزيين مدينتنا التي اختارها يوماً (المنصور) من بين عدة أمكنة، بعد أن تأكد إن اللحم لم يفسد فيها، فيما فسد في أماكن أخرى..وبغداد التي تتخطى الحرارة فيها الخمسين في الصيف بحاجة لمزروعات تحتمل صيفنا الطويل، وتحتمل الأخرى برد الشتاء الذي يمرُّ علينا عاجلاً.. وأمانة بغداد التي نظّمت يوماً مهرجان بغداد للزهور، اختارت المكان والزمان ومدة العرض، وكان عليها أن تجعل شوارع بغداد مهرجانات للزهور، وتخلق في بغداد ثقافة المشاتل والانتماء إليها والحرص عليها.. وهي قادرة على هذا، وقد بدأت بالفعل خطوات واعدة. وهي تمتلك أيضاً إمكانية لتأسيس مشاتل تجهز الناس بما يحتاجونه بدل الأسعار العالية للأخوة أصحاب المشاتل.rnihsanshamran@yahoo.com
على هامش الصراحة :ثقافة المشاتل
نشر في: 4 أكتوبر, 2010: 05:30 م