إحسان شمران الياسري أن الكتاب الرسمي هو خطاب الجهة التي أرسلته إلى جهة أخرى، وهو ككل الرسائل التي تحمل روح مرسلها ومشاعره وثقافته، فضلاً عن أن المضمون الأساسي الذي يحتوي الموضوع، يحتاج إلى عناية كبيرة لاعتبارات عديدة..
إن بعض المؤسسات تبذل عناية بالغة بالرسالة التي تصدر عنها، وقبل هذا، تبذل عناية أكثر بنموذج الورق الذي تطبع عليه رسائلها. فالكتاب (الرسالة) يبدأ باستهلال يسّر القارئ ويفتح (مهجته) للمتابعة على نحو (تهدي هذه الوزارة أطيب تحياتها)، (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، (تحية طيبة).. الخ.. وتذهب بنظرك إلى المضمون، وعليك أن تتأكد من مقاصد الكتاب والمشكلة التي يبحثها.. وقد تحتاج إلى استظهار الأوليات التي يشير إليها، فتربط ما بينها وما بين مضمونه لحسم القضية أو السير فيها خطوة أو أكثر. ولن أتحدث إليكم عن الالتباس الذي تقع فيه الجهة التي يرد إليها كتاب غير متقن.. أو غير واف.. إن اللغة التي يُكتب فيها الكتاب تعبّر عن ثقافة وذوق الجهة التي أصدرته. والأخطاء الإملائية مظهر من مظاهر عدم الاكتراث، وتعبير عن لا أبالية تلك الجهة.. والذي يوّقع الكتاب بالنهاية هو الشخص المسؤول عن كل ما يرد في الكتاب من مشاكل في الطباعة أو اللغة أو الالتباسات في التعابير والمقاصد، أو الخشونة في الصياغة.. وتأخذ الرسائل عدة مستويات من الأهمية والشمولية.. فهناك كتاب يوقعه وزير إلى وزير أو إلى جهة أعلى، وهناك كتاب يوقعه مدير عام إلى مدير عام آخر أو مستوى أعلى. وكلها تقتضي أن نتعامل في لغة الكتاب وشكله ومضمونه، كما نتعامل مع الشخص الذي نخاطبه وجهاً لوجه أو بالهاتف..فالمسؤول الذي يخاطب وزيره يجب أن يقول له (يا صاحب المعالي، أو السيادة)، وإذ يسأله عن مسألة يقول في السؤال (إن نسب معاليكم أو سيادتكم).. وإنّ خَتَمًَ الرسالة تكون خاتمتها مضيئة مثل مستهلها.. وإذا خاطب المسؤول مسؤولا موازياً له بالمستوى أو أدنى منه، عليه أن يترفّق في الخطاب ليفهم المُتلقي إن صاحبه متأدب وصاحبُ خُلقٍ في الخطاب..وهناك قواعد أخرى في المراسلات، بعضها تحدده التعليمات، كإدراج المبالغ رقماً وكتابةً، أو توحيد سياق الترقيم في الكتب والمراسلات.. الخ..الكثير من المسؤولين يعتادون النماذج الهابطة مما تصدره دوائرهم من مراسلات.. فيما لا يهتم آخرون بما تحدثنا عنه، فيشغلهم الموضوع ويدعون الشكل بلا عناية. وبالمجمل، هم لا يدركون إن العلوم السلوكية وضعت وزناً لهذه الأشياء، قد يتعدى النصف، ضمن مقومات الاستجابة للخطاب الوارد.إن ما قد يفيد في هذه الأسطر، هو أن المؤسسة، مهما كانت، حكومية، أو أهلية، تستطيع التعبير عن ذاتها بالخطابات التي ترسلها.. وعلى المخولين بالتوقيع أن يعتنوا بالخطاب الذي يوّقعونه.. وإن العديد ممن سيقرؤون هذه الأسطر، سيستذكرون أشكالاً عديدة من الرسائل والمخاطبات التي لا تُعقل..
على هامش الصراحة :المراسلات الرسمية
نشر في: 5 أكتوبر, 2010: 05:54 م