بابل / عادل الفتلاوي أكدت دراسة قانونية نوقشت في كلية القانون بجامعة بابل على ضرورة أن تركز الجهات المختصة بمكافحة الفساد داخل الدولة جهودها على مكافحة الفساد الكبير الذي يرتكبه كبار المسؤولين في الدولة وكشفهم ومحاسبتهم وإحالتهم إلى القضاء
وذلك لكونه أكثر خطرا من الفساد الصغير بما يحقق ذلك الردع العام لصغار الموظفين المفسدين ،داعية الجهات المختصة بمكافحة الفساد أن لا تضِيع جهودها في ملاحقة الفساد الصغير الذي يكاد يكون ظاهرة منتشرة في معظم دول العالم.الدراسة التي أعدها الباحث أمجد ناظم صاحب الفتلاوي واشرف عليها أستاذ القانون الجنائي المساعد الدكتور محمد علي سالم كانت بعنوان (اختصاص هيئة النزاهة في التحري والتحقيق في قضايا الفساد الحكومي) استعرضت الأسباب الكامنة وراء بروز ظاهرة الفساد الحكومي وتفشيها في السنوات الأخيرة في معظم مؤسسات الدولة العراقية وعزت الدراسة أسباب تفشي الظاهرة إلى جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية وإدارية.وفي ما يخص الأسباب السياسية فإنها تتمثل حسب الدراسة بغياب النظام السياسي الفعال المستند إلى مبدأ الفصل بين السلطات وقلة الوعي السياسي وعدم معرفة الآليات والنظم الإدارية خلال ممارسة السلطة وغياب دولة المؤسسات وسلطة القانون والتشريعات وغياب الحريات والنظام الديمقراطي وضعف الإعلام والرقابة الرسمية والشعبية المتمثلة بمنظمات المجتمع المدني والمواطنين والأحزاب السياسية فضلا عن عدم كفاءة ونزاهة القيادات الإدارية وكبار المسؤولين في الدولة لان اختيارهم تم على أساس التزكية أو الولاء للحزب أو الكتلة أو الطائفة أو المذهب من دون مراعاة مبدأ الكفاءة المهنية والتقييم العلمي المبني على أساس الخبرة المتراكمة والنزاهة .وأوضحت الدراسة أن هناك أيضا أسبابا اقتصادية واجتماعية وراء هذه الظاهرة متمثلة بغياب الفعاليات الاقتصادية في الدولة التي يغلب عليها طابع الصفقات التجارية وكذلك انتشار البطالة وانخفاض مستوى الأجور وضعف المرافق العامة التي تخدم المواطنين وهي عوامل حاسمة في تفشي الفساد حيث تتناسب هذه العوامل طرديا مع ازدياد هذه الظاهرة .وأضافت الدراسة إلى انه لا يمكن تجاهل بعض الأسباب الاجتماعية في تفشي الفساد المتمثلة بالجهل والتخلف وممارسة وسلوكيات قوات الاحتلال في العراق حينما سمحت وتغاضت عن عمليات نهب وسرقة وإتلاف ممتلكات الدولة حيث كان لها دور واضح في ترسيخ ثقافة نهب وسلب الأموال العامة من قبل بعض ضعاف النفوس .وعن الأسباب القانونية والإدارية التي ساعدت في انتشار الفساد الحكومي أشارت الدراسة إلى عدم استقلال القضاء بصورة فعلية عن عمل النظام السياسي والاستقلال حيث إن غالبية دساتير دول العالم نصت على مبدأ استقلال القضاء وسيادة القانون غير إن الواقع العملي يؤكد خضوع القضاء في العديد من الدول لسيطرة رئيس الدولة أو الأحزاب السياسية التي لها ثقل في الدولة. أما عن الأسباب الإدارية فقد بينت الدراسة أنها تتجسد بسوء اختيار الموظفين الذين يشغلون الوظائف العامة وبالتالي استغلال المنصب والنفوذ وعدم الحرص على حفظ الأمور العامة وصيانتها وعدم احترام أوقات العمل وتأجيل أو تأخير انجازه بدون مبرر وتقديم الشكاوى .ومن الأسباب الأخرى لانتشار الفساد الحكومي وجود ضعف في الأجهزة الرقابية الداخلية وارتباطها بمؤسسة الدائرة المعينة نفسها وعدم وجود أجهزة حكومية تتولى الرقابة وتلقي الشكاوى من المتضررين من الفساد الحكومي في كثير من دول العالم .ونوهت الدراسة إلى أن هناك سببا رئيسا إلى جانب تلك الأسباب لا يمكن إغفاله إذ كان له دور فعال في انتشار الفساد الحكومي في العراق متمثل بالمرحلة الانتقالية التي مر بها العراق بعد سقوط النظام السياسي وما تمخض عنها من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية مما وفر فرصا واسعة للمفسدين مستغلين ضعف الجهاز الرقابي وعدم قدرة الإدارة على اتخاذ القرار المناسب في مكافحة الفساد بسبب عدم استقرار القانون والقضاء وكذلك تمتع كبار المسؤولين بحرية واسعة في التصرف إلى جانب القيود الواردة على حرية الأجهزة الرقابية في محاسبة كبار المسؤولين وإجراء التحقيق معهم بسبب الحصانة التي يتمتعون بها .ولفتت الدراسة إلى أن كل هذه الأسباب قد ساعدت على انتشار الفساد الحكومي في العراق بصورة غير طبيعية وجعلته يحتل مركزا متقدما من بين الدول الأكثر فسادا في العالم حسب تقارير منظمة الشفافية الدولية . ولاحظت الدراسة إن جهود هيئة النزاهة ومجلس النواب في مواجهة الفساد الحكومي تعرضت للتراجع بسبب الضغوطات التي تعرضت لها كون إن تلك الجرائم ذات طابع سري يصعب إثباتها من خلال الوسائل التقليدية في التحقيق ، ويرتكبها في الغالب أشخاص على قدر من الاحتراف والدراية والمعرفة بأساليب الالتفاف على القانون لذلك يعجز أحيانا ضحايا الفساد عن إثبات دعاواهم أمام القضاء .وشددت الدراسة على انه أمام هذا التحدي الكبير لابد من إيجاد أجهزة تتسم بالفعالية للحد من هذه الظاهرة الخطيرة ولا بد من تقديم الدعم الكبير لهيئة النزاهة (شعبيا ورسميا) لان بدون هذا التعاون تبقى الخطط قاصرة ، لاسيما إن هيئة النزاهة تعد البوابة
دراسـة قـانـونيـة تـؤكـد ضـرورة التركيز على مكافحة الفساد لكبـار المسـؤوليـن فـي الدو
نشر في: 5 أكتوبر, 2010: 06:07 م