اتخذ الخبراء القانونيون في لاهاي في 22 تموز 2009، قراراً ملزماً يتم بموجبه ترسيم حدود منطقة أبيي الغنية بالنفط والمرعى. وشكل هذا القرار حكماً في النزاع بين حكومة الشمال وحكومة الحنوب الذي ظل يهدد وضع السلام الهش في البلاد. ويلقي الموجز التالي الضوء على خلفية القرار التحكيمي للمحكمة.
النفط مشكلةأبيي منطقة غنية بالنفط على الحدود بين شمال وجنوب السودان تمتد داخل ولايتي غرب كردفان وشمال بحر الغزال. وكان من المقرر منذ عام 2005 أن تخضع المنطقة للحكم المشترك من طرف الجهتين الحاكمتين في شمال وجنوب السودان. وخلال الحرب الأهلية التي مزقت البلاد خلال الفترة بين 1983 و2005، لجأ الطرفان إلى استعمال السكان المحليين للقتال بديلاً عنهم. rnبروتوكول أبييهو فصل من اتفاق السلام الشامل لعام 2005 الذي ينص على إجراء استفتاء عام 2011 تقرر بموجبه أبيي الالتحاق إما بالشمال أو بالجنوب، وإقرار الإدارة المشتركة إلى ذلك الحين. كما يحدد البروتوكول كيفية تقاسم العائدات النفطية للمنطقة بين حكومة الوحدة الوطنية بالشمال وحكومة جنوب السودان بالإضافة إلى تأكيده حقوق الرعي بالنسبة لرعاة المسيرية الذين يعيشون في شمال أبيي. كما قام البروتوكول بتكليف مفوضية ترسيم حدود أبيي "بتحديد وترسيم" المنطقة التي يتنازع على حدودها كل من الشمال والجنوب. ويوضح الفصل الرابع من اتفاق السلام الشامل أن الأشخاص الذين يعيشون بشكل دائم في أبيي هم من قبيلة نجوك المنتمين إلى مجموعة الدينكا العرقية. أما المجتمعات العربية، بما فيها المسيرية، فهي عادة ما تتنقل مع مواشيها عبر المنطقة في مواسم معينة بحثاً عن المرعى والمياه والتجارة. وهذا يعني أن الطائفتين عادة ما تتواجهان وقد أدى ذلك إلى دخولهما في اشتباكات في الماضي. rnمحكمة التحكيم الدائمةتوصل حكم المفوضية "النهائي والملزم"، الصادر في تموز 2005، إلى أن أبيي أكبر بكثير مما كانت تدعيه حكومة الشمال. وتأتي أهمية حجم أبيي من منطلق تأثيره على كمية النفط المخصص لها، بالإضافة إلى توقع تصويت سكان منطقة أبيي خلال الاستفتاء المقرر لعام 2011 على الانضمام إلى جنوب السودان. وقد رفضت حكومة الوحدة الوطنية هذا الحكم بدعوى أن المفوضية قد تجاوزت حدود ولايتها.وقد اتفق الجانبان على أن محكمة تحكيم خاصة بأبيي داخل محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي هي التي يجب أن تقرر ما إذا كان هذا القول صحيحاً وبالتالي إذا ما كانت صلاحيات المفوضية لا تزال سارية المفعول. واتفقا كذلك على أنه إذا تبين للمحكمة أن المفوضية قد تجاوزت حدود ولايتها فينبغي أن تتخذ المحكمة قراراً جديداً بشأن حدود أبيي على أساس المعلومات المقدمة من الطرفين.rnنزاع وتوتّرلقد تضمن اتفاق السلام الموقع بأديس أبابا عام 1972، والذي أنهى الحرب الأهلية الأولى (1956-1972)، أحكاماً لإجراء استفتاء بين الدينكا نجوك في أبيي حول انضمامهم أو عدم انضمامهم إلى المنطقة الجنوبية التي كانت آنذاك تتمتع بحكم شبة ذاتي. وقد أدى الفشل في تنفيذ هذه الأحكام إلى إعادة اشتعال الحرب الأهلية في أوائل الثمانينيات. وقد ظلت المنطقة تشكل بؤرة توتر منذ التوقيع على اتفاق السلام الشامل. ففي أيار 2008، تسببت المواجهات في تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص في مدينة أبيي في حين اشتعلت النيران في المدينة. ومن المتوقع أن يؤدي الفشل في تنفيذ بروتوكول أبيي على النحو الصحيح ليس فقط إلى تفاقم الصراع بين المجتمعات المحلية، وإنما أيضاً إلى تزايد توتر العلاقات بين الخرطوم وحكومة جنوب السودان. وتقع أبيي على خط الصدع العرقي في السودان، إذ أنها تلخص الانقسام الثقافي وتباين سبل كسب العيش في البلاد. ولكنها أيضاً قد تقدم، في أحسن أحوالها، مثالاً على العيش السلمي المتبادل بين المجتمعات المحلية. وتشكل أبيي معقلاً رئيسياً لأقوى جماعة عرقية في الجنوب، وهي جماعة الدينكا. كما أنها وإن كانت لا تحوي سوى أقل من ربع الإنتاج النفطي الحالي في البلاد إلا أنها تشكل في الوقت نفسه أكبر احتياطي قد تطالب بقية السودان بالتحكم فيه.
ما هي قضية أبيي؟

نشر في: 6 أكتوبر, 2010: 05:35 م