TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك: (ظنة اشعب)

هواء فـي شبك: (ظنة اشعب)

نشر في: 6 أكتوبر, 2010: 08:32 م

 عبدالله السكوتيقالوا إن أشعب الطماع كان يسير في سوق رافعا يده إلى الأعلى وخلفه رجل يسير، فسئل عن ذلك فأجاب: (انه يأمل في مسك عصفور يقع بين يديه)، فقالوا له أنت الأحمق، كيف يدخل العصفور في يديك، فقال:إن الأحمق هو الرجل الذي يسير خلفي وقد أعطى عربونا على صيده، وقد نظم الشاعر الشعبي من الدارمي في هذا ما يناسب مقتضى الحال فقال:
(عودي خلص مطواي الحم واسديجا ظنة اشعب هاي ظنة العدي)وهذا المثل يضرب لشخص يجنح إلى الخيال الذي لا يمت إلى الحقيقة بصلة ويمني نفسه في أمور لا يمكن تحقيقها وربما تكون أوهاما مستحيلة.بينما يقولون إن الإنسان لا يمكن أن يحيا بلا أحلام ومواعيد، ليبقى يسلي نفسه بتحقيقها، وان اختفاء الأحلام ومعه اختفاء انتظار تحقيقها يصيب المرء بالجمود، ولذا تجد الملل والسأم عند الشعوب المتطورة لأنها حققت كل شيء بينما ترى الإنسان في البلدان المتخلفة بانتظار الأفضل، وتجد الاستعداد لديه لاستغلال الفرص المؤاتية، يعجبني كثيرا منظر الفلاح الذي يذهب إلى السوق لشراء البذور، ومن ثم يطشها ويتركها ويذهب متأملا أنها بعد موسم كامل يتجاوز الأربعة أشهر أو الخمسة، ستطرح ثمرا فيقوم ببيعه، لا يسأل عن حركة السوق ولا حال السياسة ولا مزاج السياسيين الذي غالبا ما يكون متعكرا.حقيقة إن الفلاح أكثر الناس أحلاما إذ يقوم بذلك، ويقينا إن أحلامه تختلف عن أحلام الشعراء المستحيلة، فهو يحلم بحلم يحققه اغلب الأحيان، وهو أكثرهم شعورا بالحياة، إذ انه يضع في الأرض البذور ويذهب ويعود للسقي والمداراة، يسقي الأجنة التي تكبر مع مرور الزمن، لتلد أخيرا نوعها المنتظر، فيكون زمن (الحوي)، عندها يكون أكثر حماسا وإقبالا على الحياة.ليست جميع الأحلام من نوع أحلام أشعب هذا، فهذه الأحلام الغبية مادة للتفكه والسخرية، وربما هي ذاتها أحلام العصافير التي يتكلمون عنها، لتبقى الأحلام المشروعة التي يحلم بها الناس، وحركة وزارة الإسكان والتعمير للتخطيط إلى إنشاء 3 ملايين وحدة سكنية،"طرق الباب فرحا"ليخبرني هل سمعت الأخبار اليوم، فبدأت اشرح له قضية التصريحات التي يدلي بها أعضاء التحالف هذا والكتلة تلك، وان الأمور تسير بحسب ما مرسوم لها إلا من بعض المنغصات التي تبعث إشاراتها بعض الكتل، من أنها لن تشارك في الحكومة المقبلة، بينما الاختلافات على قدم وساق والأمور ما تزال تحتاج إلى الصبر وإدامة الحلم الجميل، قال:ماذا تقول (يا حكومة يا كتل يا ائتلافات، عمي راح يسوون تلث ملايين وحدة سكنية، بلجي اخلص من بيتنا، بيت او سبع بيبان)، اعتذرت له بعد المقدمة الطويلة والشرح المستفيض بشأن تشكيل الحكومة، وقلت له إن شاء الله (هالمرة تتحقق الأحلام وتسويها وزارة الإسكان والتعمير)، ليخرج إلى إنسانيته من نساها وهو يعيش في بيوت من الصفيح بلا خدمات ولا تتوفر على ابسط شروط الحياة بمعناها الحقيقي، يخرج إلى حلمه من عاش في غرفة بمفرده فتزوج فيها وأنجب، ليزوج بناته بذات الطريقة وينام على ذات المتر المخصص له، شيخا وصبيا وطفلا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram