البصرة رئة العراق ونافذته المشرعة على العالم، سلة غذائه الكبرى بامتياز، نبع متدفق من ينابيع إبداعه، تاريخها البعيد والقريب ينضح حضارة ورقيا وجمالا، وناسها( الحبوبين) بسحناتهم السمر (المملوحة)، مخترعو الطيبة والصدق والعطاء، يفرشون ارواحهم وسائد للوافدين من كل فج من فجاج الدنيا الواسعة.
عاشت البصرة، كما لم تعش مدينة من مدن العراق او من مدن العالم، في ماضيها البعيد والقريب ولم تزل، مآس ليس بمقدور أية لغة الاحاطة بوصفها، ومفارقة تنز ألماً بين ما تمنحه تربتها ومياهها وهواؤها من كنوز، وبين ما تتجرعه من فاقة ضاربة في كل أنحائها، مستويات عيش ناسها وشجرها وطيورها وكل كائناتها، اول ما يطالعك منها نزيف المزابل ومحارقها، والبرك الآسنة التي تتناهب شوارعها وأزقتها وقد أضحت محض حفر متفاوتة العمق، تفح نتانة وأسراباً من الجراثيم والحشرات، فيما تطفق مياه مجاريها فائضة في كل الانحاء..اما(بيوت) خرائب الفقراء، وهم السواد الاعظم من اهل البصرة، فقد امست مرتعا للبؤس المكتمل، فأينما وليت بصرك ليس سوى لون التراب..تراب الاوبئة والامراض الفتاكة، تراب البطالة القاتل، تراب الإهمال والتنكر لجبال التضحيات التي منحتها البصرة وأهلوها، تراب العوز والفاقة، تراب يختزن ذهب الدنيا، وينثر،في ذات الوقت، المكابدات والاوجاع، جحوداً للجميل، في وجوه واجسام أهله..rnكاظم الجماسيrnKjamasi59@yahoo.com
انتباه
نشر في: 8 أكتوبر, 2010: 06:35 م