TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك :(اضحك صوكرت المسكنّة)

هواء فـي شبك :(اضحك صوكرت المسكنّة)

نشر في: 8 أكتوبر, 2010: 10:17 م

 عبدالله السكوتييحكى ان رجلا كان يطلب رجلا آخر مبلغا من المال، ولم يسدده له، فاكثر من التردد على داره لمطالبته، والمدين يتهرب منه، وكانت زوجته في كل مرة تختلق له المعاذير بعدم وجوده في الدار، كأن تقول له: ان زوجها مسافر او انه لم يحضر بعد، الى غير ذلك من الاعذار،
والدائن يتميز من الغيظ في كل مرة، ويتفوه بكلمات قاسية، ويلعن اليوم الاسود الذي اقرض فيه زوجها.لامت المرأة زوجها كثيرا وعذلته على هذا العمل المشين، وان الرجل قد فضحهم بين الناس، فقال لها: اذا حضر في المرة المقبلة قولي له اننا سندفع الدين، فقالت له: ومن اين تدفع الدين وانت لا تملك حتى الفلس الواحد! فقال:يوجد خلف دارنا شوك كثير، والاغنام تمر من بينه، والشوك يتعلق بصوفها فيأخذ منه قليلا، فلو جمعنا هذا القليل المتعلق لحصلنا على كمية كبيرة من الصوف، وحين ذاك يمكننا بيعه ونسدد للرجل دينه، فاستحسنت المرأة الفكرة.من بعد ذلك حضر الرجل الدائن فقالت له زوجة المدين: ابشرك بقرب سداد دينك، وسندفعه لك في الاسبوع المقبل، فقال لها:وكيف ذلك؟ فنقلت له فكرة زوجها، فضحك الرجل كثيرا حتى استلقى على قفاه، حين ذاك اطل الزوج من النافذة وهو يقول:(اضحك صوكرتها، افلوسك صارت ابجيبك).ضحكت كثيرا وأنا اسمع زميلي يتصل بالواسطة الذي ترجاه من اجل تحريك درجته المسكنة منذ سنين، والذي كان يتوقع لها ان تخلصه من ماء الشتاء الآسن الذي ينزفه بيته في كل عام، فيبقى حائراً ما يصنع، ومن ثم يتخذ قراره، بالهروب مع اغراض ابنائه الاربعة الى بيت اخيه الكبير، لينام ليلته ويرجع صباحا ليرى المنظر بروية اكثر، وهو يتذكر غرق البيت الأول الذي اتى على المكتبة فعبث بكتب مهمة، رمى من يده الموبايل ذا السعر المنخفض وجلس حائرا، ثلاثون الفاً تضاف الى الراتب، عشرة للحلاقة وعشرون نضيفها الى اجرة السيارة وليغرق البيت باجمعه، شعرت به وقلت له:(اضحك يمعود صوكرتها الفروقات)، غضب وسحب سيكارة وهو يفكر ماذا سيقول للطلبة فهو مشتت الفكر، ولا يقوى ان يركز على شيء، وتذكر نقيب المعلمين، وضحك وهو يقول:كم من النقباء لدينا، نقيب للمحامين ونقيب للصحفيين ونقيب للمعلمين ونقيب للصيادلة، ونقيب ونقيب ونقيب، وسألني كم نقابة لدينا وما نفع هوياتنا النقابية، علمت ان صاحبي بدأ يهلوس وانه تفاجأ بأمر التسكين بعد ان رسم له صورا شتى لكن رجع خائبا بخفي حنين، فقررت ان اساعده وادعه يذهب الى داره ليرتاح، وقلت له عزاؤك الاصمعي حين غادر البصرة، فتشبث به اهلها، وقالوا: يعز علينا ان تفارقنا وانت شيخنا وعالمنا فقال: والله لو وجدت لديكم حفنة من بقل لما فارقتكم، وبحثت له في احشاء التاريخ عن من مات جوعا وهو يعمل في التعليم ومنهم عالم اللغة السكاكي وآخرون من عصرنا المعاصر، شعراء وفنانون وادباء وباحثون ماتوا جوعا بعد ان اعطوا الكثير، بدأ يستعيد عافيته وامسك الطباشير وذهب ليستنشق رائحة الصف، ويداعب افكار تلاميذه بأن العلم مفيد وهو مفتاح التقدم والتطور ويجب أن يحصلوا على الشهادة المدرسية لأنها تبني الانسان بعيدا عن راتبه القليل وهمومه الكثيرة، وبدأ يضحك وهو يقول: (صوكرتها).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram