كثيرة هي مشاكل المرء في هذه الحياة الصاخبة، فلا تكاد تمضي ساعات نهاره حتى يجد نفسه منهوك القوى وموزع البال، تكرس إنهاكه الفوضى اليومية للسير، ومرارة زحام سياراتنا الكثيرة في شوارعنا الضيقة .
لي صديق خرج من منزله صباحا بسيارته المتواضعة والى جانبه ولده الصغير، وراح يضرب أخماساً في أسداس منشغلا بالكثير من مشكلاته، ونسي تماما انه يقود سيارته في شارع مزدحم، فما راعه إلا صوت الاصطدام بسيارة أخرى، أوقف سيارته جانبا ونزل بين الدهشة والألم، ليجد نفسه وجهاً لوجه مع رجل في الثلاثين من العمر وبمعيته زوجته قال له معاتبا بهدوء:(ابشرفك هذه كسرة)؟فأجاب صديقي: (أنا مخطئ واعتذر، قل كم هي كلفة إصلاح السيارة وستجدني الخادم المطيع) نظر اليه الرجل باحترام ولم يزد من قوله: (اذهب بحراسة الله). شمعتان عراقيتان أوقدتهما نفسان كريمتان رأت الأولى في الاعتراف بالخطأ والاعتذار والاستعداد لإصلاح ما انكسر تكفيرا عن الخطأ، ورأت الثانية في الكلمة الطيبة والخلق الكريم عزاء عن كل مصيبة وخلفا من كل تالف، فتحية وألف تحية لتلك النفوس التي استعصت على السنوات العجاف، والحصار الذي لم ينل منها بسوء وبقيت نفوساً عراقية أصيلة تضرب المثل بثقافة الحب والتسامح بدلاً من ثقافة القوة او العنتريات المقيتة.علي جابر
انتباه
نشر في: 9 أكتوبر, 2010: 07:16 م