عمار كاظم محمد من طبيعة الصيرورة في المراحل التاريخية إنها تحمل دائما معها إرهاصات لحقب ماضية تحاول ان تبرز وان تجسد نفسها على واقع قد تغير لكنها بمحاولاتها تلك لا تجلب سوى الضحك كونها تبدو كمن يرتدي ملابس من موديل السبعينيات من القرن الماضي في الألفية الحادية والعشرين، وهذا حقيقة ما وجدناه يحدث على ارض واقعنا المليء بالمتناقضات عندما قام نائب محافظ بابل بمنع فعاليات مهرجان بابل بحجة ان الرقص والغناء حرام من وجهة نظره الدينية،
الغناء والرقص حرام و لكن الفساد والمحسوبية والرشاوى والخدمات السيئة هي أيضاً حرام وهي في نظري أهم وأولى ان يتم تحريمها من منع مهرجان فني وثقافي كان بالإضافة الى وظيفته الترفيهية ان يضيف الى موارد المحافظة دخلا جديدا وينعش واقع سياحتها من الناحية الاقتصادية .ان منع تقديم الفعاليات في مهرجان بابل وهي فعاليات كانت ستقدمها فرق معظمها فلكلورية لا يمثل تشدداً من الناحية الدينية فحسب بل يمثل أيضاً خرقاً واضحاً لبنود الدستور العراقي الذي لا يوجد فيه نص يؤكد على ان العراق دولة دينية بل هو جمهورية اتحادية فيدرالية وهو أيضاً يمثل خرقاً لقواعد الديمقراطية باعتبارها قبولا بمبدأ الرأي والرأي الآخر وما حدث من منع للفعاليات الفنية للمهرجان هو تشدد كثيرا ما كنا نلوم ونسخر من عقلية المتطرفين الذين كانوا يفرضونه على الناس أيام العنف الطائفي الذي اجتاح البلاد في عامي 2006 – 2007 وولى الآن إلى غير رجعة وهذا ما يؤكد لنا ان الديمقراطية تحتاج في بلادنا إلى عملية صنع وعي معرفي بمضمونها وقيمتها لا ان يتم استغلالها من قبل المتشددين تحت مسمى حرية الرأي بينما يفرض ما يراه هذا او ذاك رأيه بحجة الدين والأمر في حقيقته لا يتعدى كونه مناورة سياسية تتخذ من الدين غطاء لها . المضحك في أمر تلك التصريحات ان يقول من قام بمنع فعاليات المهرجان انها تذكرهم بما كان النظام السابق يفعله وهذا في واقعه عذر أقبح من ذنب فإذا كان علينا ان نلتزم بمنطق القائل فعلينا اذن ان نهدم الجسور وان نلغي المنطقة الخضراء وان تهدم القصور التي بنيت ايام النظام السابق أيضاً لأنها تذكرهم به وهم يدركون جيداً ان جميع ما ذكرت لا يعود للنظام السابق بل هو جزء من البنى التحتية التي تم بناؤها من اموال الشعب التي سرقها ذلك النظام والتي مازالت تسرق بمختلف الطرق حتى الآن وعلينا أيضاً ان نمحو آثار بابل لأنها كانت تعرض في ذلك الوقت كساحة لفعاليات المهرجان. اعتقد ان منطق كهذا فيه الكثير من التشويه ولا ينظر الى الأمور إلا من منظار واحد هو تراكمات المراحل السابقة دون الأخذ بنظر الاعتبار مصالح الشعب وثرواته ومصالحه الاقتصادية وهذا ما يحتم علينا ان نتخلص من عقد الماضي وان ننظر الى المستقبل دون ان نصنع تاريخا آخر يضاف الى تاريخ هذه الأمة.
وجهة نظر: مهرجان بابل والنظرات الضيقة
نشر في: 9 أكتوبر, 2010: 07:26 م