TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > على هامش الصراحة: أموالنا والإدارة المالية -إدارة المخاطر

على هامش الصراحة: أموالنا والإدارة المالية -إدارة المخاطر

نشر في: 9 أكتوبر, 2010: 07:45 م

 إحسان شمران الياسريلنأخذ مثالاً عن (سيارة) تم رفع بدنها من الخلف لتحرير العجلات الخلفية.. ثم أدرنا المحرك وأخذنا ننتقل من السرعة الأولى إلى الثانية حتى نصل إلى سرعة (120) ثم (180) كيلو متراً في الساعة.. والسيارة واقفة.. يسمونه أهل المصلحة (بطناش).. ويسميه أنصاف المثقفين في الإدارة (محاولات عرقلة المؤسسة مع بقاء المحرك دواّراً)..
 وهناك أمثلة على مسؤولين ومستشارين يرفعون الوزارة أو المؤسسة من الخلف لتحرير العجلات، ثم يديرون المحرك.. فيسمع الوزير أو رئيس المؤسسة دوران المحرك، ويطمئن إلى (صفاء المحرك) وانه (لا يدخن أو يبّخر).. لذا فالأمور بخير، ولكن ما علم معاليه أو سعادته، إن الوزارة (تضرب بطناش).. لأن المستشار أو الوكيل أو المدير العام أو (الصهر) يترك المحرك يدور، ويصرف وقوداً، ولكن لم يتحرك حجر عن حجر!فالمستشار، أو الوكيل، لا يترك صغيرة أو كبيرة إلا ويمررها بألف نفق وألف لجنة. ويترك الشكوك والدسائس والهمس تنهش بالمؤسسة.. فلا يحسم شيء بالمطلق، ولا يترك الناس تعمل.. وإذا رفعت إحدى دوائر الوزارة مذكرة للوزير، يحيلها معاليه للمستشار، الذي يتولى وظيفة إعطاء المشورة بطريقة معقدة ولئيمة، توازن جزءاً من تخلّف نظرته للأمور، وبعض جهله بعمومية القضية وتفصيلاتها.. فيدلو بدلوه، فيحار الوزير، ويخاف، لأن سياسة التخويف هذه الأيام أصبحت الوجه الآخر للعرقلة.يخوفونه من الفاسدين ويخوفونه من النزاهة، ويخوفونه من الصحافة، ويخوفونه من الموظفين، ومن الصوت العالي الذي يعتقد إن الفرصة لم تضع على العراق بعد، ويمكن لأبنائه أن يقفوا أمام الطوفان.. وكل من يعلو صوته، يرمون أمام الوزير شيئاً يمكن أن (يجفل) منه معاليه، فإذا كان الوزير إسلاميا (لا يلبس ربطة العنق)، همسوا بأذنه (يا معالي الوزير هذا شيوعي كافر).. وإذا كان من كتلة كبيرة في البرلمان، قالوا له (يا مولانا، هذا من جماعة النائب فلان، وشاهدناه أكثر من مرة في مكتبه، لذا لا يصلح أن يكون ناصحاً،ً وإنما يريد تهديم الوزارة..).. وإذا كان من أقارب الدكتور محمود المشهداني، هذا الرجل الرائع، قالوا للوزير (يمعود حتى من رئاسة البرلمان السابق طلعوه..!!).فما هي المخاطر التي تحيق بالإدارة الحكومية في يومنا المليء بالأسئلة.. وهل صحيح إن (إدارة المخاطر) لا تنشغل بها إلا المصارف لكي تحافظ على ملايين الدنانير من السرقة والتلاعب والغش.. ومخاطر السيولة وأسعار الفائدة والتشغيل.. بينما لا يتوجب على أمانة بغداد أن تنشغل بإدارة المخاطر وهي تنفق مليارات الدنانير لبناء ناطحة سحاب في مدينة الصدر أو مسبح في منطقة الفضيلية.. أو تعيد رصف المقرنص كل خمسة أيام في شوارع زيونة. ومهما يكن من أمر مثالنا عن أمانة بغداد، وهي مؤسسة عظيمة تؤدي واجبات كبيرة، فإن الأمانة ليست إلا واحدة من كبريات المؤسسات، بينما توجد مؤسسات مرعبة في حجمها وحجم مسؤولياتها وتأثيرها على مستقبل بلادنا. كم تحتاج هذه المؤسسات للتعرف على قضية المخاطر وإدارتها.. إن أمانة بغداد سيئة الحظ لأننا نمشي على الدروب التي تبلطها، وعلى الأرصفة التي ترصفها، ونشرب الماء الذي تضخّه في الأنابيب المتهرئة.. ولكننا لا نعرف مصائب مؤسسات أخرى قد يُدّمر وجودها السيئ مستقبل العراق وعشرات الأجيال المقبلة.. تخيلوا لو إن العالم استغنى عن النفط العراقي بابتكار وسائل بديلة للطاقة ثم نكتشف إن الاحتياطي الهائل من النفط العراقي لم يعد ذا فائدة.. وكل ذلك لأن وزارة النفط ظلت نائمة.. وظل الناطق الإعلامي يرد بقوة على أي تصريح يمّس النفط وتشكيلاته. صحيح إن التعرّض إلى مؤسسة دون أدلة معقولة، يمثل تعدّياً على حرمة المؤسسات وهيبتها، إلا إن الصحيح إن موضوع النفط قد يصبح في القريب العاجل من بدائل الطاقة وليس المصدر الأساس.. وصحيح إن وزارة النفط تأخرت ست سنوات قبل أن تباشر بالتعاقد مع كبريات الشركات العالمية لاستخراج النفط وتصديره.. وصحيح إن الآمال بتحسن القطاع النفطي كالآمال بتحسن الكهرباء، آمال تتقطع وتبتعد كلما اقتربنا منها.. وأنا لن أنسى تصريحاً بالتلفزيون لوزير الكهرباء السابق قال فيه: إن عام 2008 أو 2007 سيكون عام الاكتفاء بالكهرباء. ومن يومها وأنا لا أثق بتصريح يبتسم فيه المسؤول وهو يطلقه. وعلى المؤسسات التي تعي مسؤولياتها في المجتمع أن تحدد المخاطر التي تحيط بها، وتشكل دائرة لإدارة المخاطر ورصدها مبكراً والتحصّن منها.ihsanshamran@yahoo.com

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram