TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > في الأزمة المتفجرة بين ثاني وثالث أقوى اقتصاديات العالم

في الأزمة المتفجرة بين ثاني وثالث أقوى اقتصاديات العالم

نشر في: 9 أكتوبر, 2010: 07:46 م

د. عبد الله المدنيمنذ هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، اختطت اليابان لنفسها سياسة خارجية بعيدة عن المغامرات والتشنجات والإثارة، حيث اتصفت مواقفها بالهدوء والعقلانية حتى في ما يتعلق بنزاعها التاريخي مع روسيا حول جزر الكوريل، وخلافاتها الإيديولوجية مع نظام مشاغب مثل نظام بيونغيانغ الستاليني. وبالمثل، حاول اليابانيون بنجاح ألا يحول تاريخهم المعقد مع الصينيين أو مطالبة كل منهما بالسيادة على جزر "ديايو/ سينانكو"
 (أرخبيل مكون من ثماني جزر صغيرة في شرق بحر الصين، لا توجد على سطحها سوى الصخور والأحراش، فيما باطنها يحتوي على كميات من النفط والغاز، علما بأن تايوان تطالب بحق السيادة عليها أيضا وتسميها "تياويوتاي") دون ارتباطهما بعلاقات اقتصادية وتجارية بينية مفيدة للجانبين.غير أن ما انفجر مؤخرا من أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين البلدين الجارين، على إثر مطاردة قوات خفر السواحل اليابانية للسفينة الصينية "مينجيو5179" واحتجاز قبطانها و14 من بحارتها في أوائل سبتمبر/أيلول الماضي، أثار أسئلة لا نهاية لها حول حقيقة الحادثة، وتوقيتها، ودواعي التصعيد الإعلامي حولها، خصوصا وأن مثل هذه الحوادث تكررت مراراً في الماضي، وخصوصا زمن الحرب الباردة، لكن دون أن تؤدي بالعلاقات اليابانية – الصينية إلى مرحلة التأزم والحروب الإعلامية المتبادلة، وتبادل الاتهامات الشنيعة.فمن الأسئلة التي أثيرت ولا يعلم أحد أجوبتها الحاسمة سوى طوكيو وبكين: ماذا كان أكثر من 160 سفينة صينية يفعل في المياه المحيطة بجزر "ديايو/ سينانكو" المتنازع عليها بين البلدين منذ عقود طويلة حينما دهمتها قوات خفر السواحل اليابانية؟ وهل كانت تلك السفن مجرد سفن لصيد الأسماك أم أنها كانت سفناً للتجسس وجمع المعلومات عن مسارات الغواصات اليابانية أوالغواصات الأمريكية المتطورة ذات الرؤوس النووية التي نشرتها واشنطون في المياه الآسيوية منذ يونيو/ حزيران الماضي، وشوهدت في مياه خليج "سوبيك" الفلبيني ومياه "دييغو غارسيا" في المحيط الهندي، وميناء بوسان الكوري الجنوبي؟ وهل قامت السلطات اليابانية بتحذير ربابنة تلك السفن قبل مهاجمتها أم خرقت القواعد المتعارف عليها دوليا؟ وماذا كانت ردود أفعال الربابنة، بمعنى هل أنهم تعاونوا مع تحذيرات اليابانيين أم أنهم عرقلوا مهمة قوات خفر السواحل اليابانية كما تدعي الأخيرة؟ومن الأسئلة أيضا: هل للأزمة علاقة بصراع الأجنحة داخل الحزب الديمقراطي الحاكم في طوكيو، ولاسيما ما بين جناحي رئيس الوزراء الحالي "ناوتو كان"(معروف عنه أنه من أشد المدافعين عن فكرة اضطلاع جيش الدفاع الياباني بدور خارجي – على الأقل في منطقة المحيط الباسفيكي - يتلاءم مع قوة بلاده العلمية والاقتصادية) ورئيس الوزراء الأسبق السياسي المخضرم "أميتشيرو أوزاوا"؟ وبعبارة أخرى هل أن البحرية اليابانية وجدت في هذا الصراع فرصة للتمرد على التقاليد المتعارف عليها، فأخذت زمام المبادرة لخلق أزمة دبلوماسية مع بكين تبعد بها انظار الرأي العام الياباني واهتماماته عن أزمة الحزب الحاكم؟ وهل أن الصينيين تعمدوا تفجير أزمة مع خصمهم التاريخي مباشرة بعد بلوغ بلادهم المركز الثاني في سلم أقوى الاقتصاديات في العالم بعد الولايات المتحدة، وذلك من أجل إبلاغ رسالة مفادها أنهم قادرون على تحقيق مراتب عالمية متقدمة على الصعيد العسكري أيضا، بمعنى أن هيمنتهم العسكرية على منطقة شمال وجنوب شرق آسيا ليست سوى مسألة وقت؟بعيدا عما سبق، لكن في السياق ذاته، تساءل البعض قائلين : هل هي مجرد مفارقة أن تنفجر الأزمة بعد وقت قصير جدا من تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" الذي قالت فيه أن جزر "سبارتلي" (مجموعة من الجزر الصغيرة في بحر الصين الجنوبي تدعي بكين وبعض دول جنوب شرق آسيا مثل الفلبين وماليزيا وتايوان وفيتنام وبروناي حق السيادة على كلها او بعضها نظراً لموقعها الستراتيجي وما تحتويه من ثروات معدنية، علما بأن الصينيين حتى عام 1988 لم يولوا أي اهتمام بها رغم أنها كانت مسرحا لموقعتين حربيتين بينهم وبين الفيتناميين في عامي 1974 و 1988 ) تمثل أهمية ستراتيجية للولايات المتحدة وحليفاتها في المنطقة؟ وهل هي أيضا مجرد مفارقة أن تأتي هذه التطورات مباشرة بعد رفض بكين المشاركة في مناورات بحرية أمريكية – كورية جنوبية في المياه المحاذية لسواحل كوريا الشمالية؟الأمر الملاحظ في هذه الأزمة أن طوكيو، التي كان بإمكانها ألا تعلن عما حدثت أسوة بما فعلته أيام الحرب الباردة لولا اعتقال قواتها لقبطان السفينة الصينية وبحارتها، حاولت قدر الإمكان تجنب التصعيد، انطلاقا من المصالح الاقتصادية المتشعبة التي تربطها بالصين (بلغت قيمة التبادلات التجارية بينهما حوالي 147 بليون دولار في النصف الأول من العام الجاري فقط، مع ملاحظة زيادة صادرات اليابان للصين عن صادراتها للولايات المتحدة وبلوغ الأولى نحو 20 بالمئة من إجمالي الصادرات اليابانية للعالم)، وحفاظاً على التقدم السريع الذي تحقق مؤخرا على صعيد بناء الثقة بعد توقف قادة طوكيو عن زيارة "ياسوكوني" حيث مقابر جنودهم الذين قضوا في حروب البلاد الإمبريالية. ويشهد على محاولات طوكيو تجنب ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram