TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات :(حجي جرايد)

كردستانيات :(حجي جرايد)

نشر في: 9 أكتوبر, 2010: 08:03 م

وديع غزوانمع فسحة الحرية الواسعة التي سمحت لمئات الصحف وعشرات المجلات والفضائيات بأن تمارس دورها في العراق، ما زلنا نسمع بين حين وآخر من يقول ان ما ينشر او يذاع ويسمع (حجي جرايد) تعبيراً عن حالة عدم المصداقية والدقة في ما تتضمنه من معلومات، ومع ان هذه الصفة في بعض جوانبها صحيحة، غير ان مسؤولية ذلك لا تتحمله وسائل
الإعلام وحدها، التي ما زال دورها في الغالب  نقل ما يقوله المسؤول الحكومي او السياسي دون ان تتعمق أكثر في البحث.في الدول المتقدمة التي سبقتنا في مضمار الديمقراطية، قد يؤدي نشر خبر ما الى استقالة حكومة او إسقاط سياسي او تنحية وزير من موقعه، لان موقع الإعلام هنالك كبير في تكوين  الرأي العام والتأثير عليه، ورغم تباين المدارس وتنوعها في النظرة الى الإعلام في أوروبا، غير ان الاتفاق او الرأي الذي لا يختلف عليه اثنان ان هذا الإعلام قد قطع شوطاً واسعاً كقوة مؤثرة ويستحق بالفعل تصنيفه كسلطة رابعة، وتقتضي الأمانة الاعتراف بان هذا الموقع للإعلام الأوروبي لم يأت منّة من أحد او هبة من حكومة او حزب، بل تضافرت جهود وعوامل عديدة لترسيخه، من أهمها: روح المغامرة والحب لاحتراف مهنة البحث عن المتاعب، لذا فكثيراً ما نسمع او نرى أن هنالك صحفيين وإعلاميين يتنقلون في مناطق تعد خطرة للبحث عن خبر او سبق صحفي حقيقي، كما ان الكثير منهم يتابعون أحدث معلومة التقطوها هنا وهناك لتكوين قصة مثيرة يظل صداها في عالم الصحافة  أشهراً أو سنوات، وهو ما نفتقده نحن مع الأسف، الإعلامي هناك يركض ويبحث عن الخبر والقصة  لذا يحرص المسؤولون على كسب وده وإعطائه المعلومات ولا ينتظر ان يتكرم عليه المسؤول بتعليق او رأي، كما يفعل معظمنا.لاشك في ان عوامل كثيرة بما فيها التكوين المجتمعي للفرد ساعدت على تنمية هذه الروح المغامرة والمندفعة باتجاه البحث عن الجديد، ليس في مجال الإعلام حسب، بل في مفاصل متنوعة من الحياة، فكانت محصلتها هذا الإبداع والابتكار والتنافس والتميز، عوامل حرمنا منها وتآلفنا معها، الا القليل النادر من العاملين في الوسط الإعلامي او غيره، لذا بقيت وسائل الإعلام لدينا رغم فضاءات الحرية وما أتيح لها من تقنيات متطورة دون مستوى الآخرين خصوصاً في الغرب الذي سبقنا بأجيال في هذا المضمار الحيوي.ما نحتاج اليه ليس دورات على أهميتها، بل روح جديدة يمكن ان تستفيد من الفرص المتوفرة وان نمسك بخيوط الإبداع التي لا يمكن ان تتحقق اذا بقينا جامدين في مواقعنا متلقين غير مبدعين، عندها يتعلم المسؤول ان الكلمة مسؤولية اذا ما نشرتها وسائل الإعلام وانه يحاسب عليها فيحرص على توخي الصدق والدقة، بدلاً من الكلام الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، وأمثلة ذلك كثيرة سواء ما يتعلق بمفردات البطاقة التموينية التي تبخرت دون ان يسأل احد عن مصير مبالغها المرصودة والمصروفة،  واكتفينا بنشر معاناة المواطنين من تبخر معظم  مفرداتها دون ان نتعمق أكثر بمغزى ذلك  لنوفر للمواطن معلومة نطمئنه فيها او نجعله يتهيأً لما هو أشد، والشيء نفسه بالنسبة للكهرباء وغيرها من الخدمات التي لا ندري كإعلاميين ومواطنين اين ذهبت أموالها فاكتفينا بذكر الحالة السلبية دون متابعتها مع عدم تجاهل جهود البعض ونجاحهم في تناول موضوعات تتسم بالجرأة . ومقارنة بصحف ايام زمان وجهود العاملين فيها  كالزوراء وحبزبوز والاستقلال والفرات،نجد الفرق واسعاً، رغم ضعف الإمكانات في ذلك الوقت، حيث كان هاجس الصحفي البحث عن الحقيقة ليس إلاّ.. أما اليوم ومع الدماء الجديدة الشابة التي دخلت هذا الوسط نحتاج الى روح وثابة وشجاعة يمكن ان نتلمس فيها نقطة بداية قد  تعيد للإعلام بعض إشراقاته عند بداياته الأولى عندما كان حديث الصحفي وتحليلاته وأخباره صادقة معبرة عن  نبض الشارع كما يقولون، عندها قد لا نسمع من يقول ان ما ينشر (حجي جرايد)، الصحفي يفترض ألا يستجدي رضا المسؤول وكرمه للإدلاء بتصريح يجانب الحقيقة بل الذي يحفر بالصخر من اجل الحقيقة، عندها يمكن ان نؤثر مثلما يفترض ان نتأثر بالمواطن، وتكون موضوعاتنا واقعية  لا تحمل غير أجندة الشعب ونكون قد اقتربنا من صحف دول متقدمة يتسابق المواطن فيها لقراءة صحف اليوم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram