دمشق/ فرات إبراهيماذا ما وطئت قدماك ارض الشام فهناك شيئان لن تستغني عن زيارتهما حتى وان كنت هاربا من واقع مأساوي مر، قد تجد راحتك في يوم او يومين وما اكثرها مناطق الترف والمرح في هذه البلاد التي يلبس ابناؤها ثوب العمل من
الفجر حتى مغيب الشمس، بينما ينعم بملذات مدنها السياحية واماكن قضاء الراحة ابناء دول اخرى.هكذا هي الشام او سوريا التي يغط الناس فيها نياما في الصباح ويتسامرون ويبتهجون مع اول خيوط الليل حيث السهر والمتعة والفرح، ابتعدت كثيرا عن وصف ما يمر به الزائر العراقي الى هذه الارض الجميلة وكما قلت فانهما اثنان لا ثالث لهما وهما مرقد السيدة زينب (ع) وشارع العراقيين الذي يغص بطرقه وفنادقه بالعراقيين فقط، وتجد هناك العراق فلا تشعر بالغربة او الوحشة حسب ما يسميها البعض ممن قضى وقتا طويلا هنا، في هذا الشارع يبدو كل شيء هادئا ولا يعكر مزاج الساكنين فيه شيء، هنا محل لبيع الاقمشة وآخر لبيع الفلافل وآخر لبيع الطرشي العراقي كما لا يفوتنا ان نذكر مقاهي شاي ابو الهيل وباجة ابو عباس وكاهي الحجية، اسماء تشعر بها تدنو منك دون ان تدنو منها وحينما تحاور اصحابها تجد الشيعي والسني والمسيحي والصابئي وبأختصار انه شارع المكون العراقي الجميل ولكن دون مفخخات او قنابل ناسفة.تجولت في هذا الشارع وكانت لي بعض الحوارات الهادئة مع الساكنين والعاملين في هذا الشارع الذين ملوا الوعود وانهاء معاناتهم فكانت هذه الحوارات:ضابط يبيع الشايفوزي خزعل من منطقة البياع امضى اكثر من ثلاث سنوات في هذا الشارع يمتهن بيع الشاي ويتحدث عن سبب مجيئه الى سوريا معللا ذلك بالهروب من الجماعات المسلحة كونه ضابطاً في الجيش وهو لايعرف لمن تنتمي هذه الجماعات وهل حقا تمثل طائفة معينة، الا انه يقول: بدأت اشعر بالحنين والرغبة بالعودة الى بلدي خاصة بعد الاستقرار الكبير الذي تشهده العاصمة ومدن العراق كافة اضافة الى هذا دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي لاتاحة الفرصة لغير الملطخة اياديهم بدماء العراقيين بالانخراط في صفوف الجيش الجديد.ويتحدث خزعل بألم ومرارة حينما يستذكر واقعه الجديد في سوريا حيث يصف المعيشة هنا بالمذلة خاصة وان أجر العامل هنا لا يتجاوز 300 ليرة سورية وهي لا تكفي للسكن او الطعام او الحاجيات الضرورية الاخرى خاصة وانه صاحب عائلة مكونة من اربعة افراد خاصة وانه اقام مشاريع عدة للعمل في سوريا الا انها وكما يذكر تعرضت الى السرقة. وعن مهنة بيع الشاي التي يمارسها وهل لها زبائن من غير العراقيين حيث يقول بان غالبية السواق السوريين يعشقون نكهة الشاي العراقي الفريد في طريقة عمله.rnلن اعود الى العراقصاحب المكوى احمد اسماعيل محمد هو الآخر له قصة وسبب للخروج من العراق وهو من الناس القليلين ممن يرفض العودة الى العراق حتى وان تحسن الوضع الامني حيث يقول: لا افكر في العودة الى بغداد لأنه كان شاهدا على احداث عنف مؤلمة، وانه ليس بمقدروه نسيانها. كما ان محله الذي يمتلكه في شارع حيفا لم يعد موجودا ولهذا جاء بأولاده الى سوريا خوفا عليهم من القتل الذي شاع حينها وخاصة على الهوية..واستبعد احمد اسماعيل ان تكون هناك مؤسسات عراقية من وزارة الهجرة والمهجرين او السفارة تشرف على معاناتهم وقال ان كل ما حصلنا عليه هو مجموعة وعود بخلاف الأمم المتحدة التي تمد يد المساعدة الينا بين الحين والآخر وختم قوله بالقول بأنه بأنتظار ان توافق الامم المتحدة على توطينهم في احدى الدول الغربية.rnلا يعرف من هددهابو احمد الذي يسكن منطقة الدورة يقول: نحن بيت الكظماويين وهذه عائلة معروفة وقد تعرضت للتهديد من قبل المسلحين وحقيقة لا اعرف الجهة المسؤولة عن ذلك، ونحن لا نعير التصنيفات الطائفية شأنا كوننا نعيش تحت مظلّة بلد واحد، ذهبت الى بيت اهلي في منطقة الكاظمية الا ان ضيق المكان وعدم وجود عمل اضطرني للجوء الى سوريا.ويستذكر تلك الايام ويقول بأنه ترك ماله وأملاكه وجاء الى سوريا بعد ان باع سيارة صغيرة له وأنه بقي في سوريا لاكثر من سبعة اشهر دون عمل فعمل في العطور والساعات حتى اتفق مع احد العراقيين لفتح محل لبيع الطرشي وبرر ابو احمد سبب لجوء العراقيين القادمين الى سوريا الى هذا الشارع لتواجد كثافة من العراقيين في هذا الشارع اضافة الى قرب هذا الشارع من مرقد السيدة زينب(ع) كما اكد بأن التآخي بين كافة الاطياف موجود في هذا الشارع وكأن الجميع عائلة واحدة ودليله على هذا بأن المحل الذي يعمل فيه يتكون من (اربعة سنة) و(اثنين شيعة) وهذا ابسط مثال على هذه الاخوة وقال انه يستقي اخبار العراق من الفضائيات العديدة ومن بعض المسافرين وانه يفكر جديا بالعودة الى العراق بعد سماعه الاخبار المطمئنة عن العراق واختتم ابو احمد حديثه عن معاناة العراقيين هناك بقلة الاجور التي يحصل عليها العاملون وقال ان الجوع لا يلائم شخصية العراقي العفيف. rnالاجور وغلاء المعيشةاحد العاملين وهو من العراقيين واسمه سامان يقول: اسكن محافظة ديالى وبسبب الظروف الامنية التي مر بها العراق جئت الى سوريا وبالأخص شارع العراقيين حيث مضى على وجودي في هذا الشارع اكثر من خمس سنوات وعلى الرغم من الغربة
شارع العراقيين.. قصص لاجئين يراقبون طريق العودة
نشر في: 9 أكتوبر, 2010: 08:13 م