عبدالله السكوتييحكى ان فلاحا يدعى (عواد) كان لا يملك من حطام الدنيا شيئا سوى ثور واحد، وكان شديد الاعتزاز به، فذهب الثور ليرد الماء فسقط في البئر ونفق، وتأثر عواد على فقد ثوره تأثرا بالغا، فتندر قومه بان قالوا: (روحة ثور عواد)، فصار هذا القول مثلا يقال لليأس من امر من الامور، وعندما يشعر الانسان بالخيبة وانه لا يدرك هذا الشيء الذي تفاءل بوجوده يقول: (روحة ثور عواد).
ونسمع بعض الاحيان من كبار السن هذا المثل محورا، ولكنه يوحي بنفس المعنى فيقول احدهم: (روحة الراحوا ما ردوا).ويقال المثل حين يتبرم احد الاشخاص من آخر ويود فراقه، اي ان المثل يستخدم في طريقين متعاكسين، يقال للياس من شيء ويقال للخلاص من ثقيل او مزعج او منافق، والفرح لفراقه، وهذا بضمن عواطف الانسان وضيق صدره وانه عرضة للتغيير بسبب ما يحيط به، ولذا نرى متحمس الامس قد برد واخذه الفتور، لانه لم يجد ما يوازي حماسه، وهذا ينطبق على حياتنا بكل تفاصيلها، هناك ادامة لكل شيء للحماس في العمل وادامة للعاطفة وحتى ادامة للموهبة، وكذلك الشعب يحتاج الى ادامة مشاعره تجاه التغيير والا سيفقد حماسه ويصاب باليأس والقنوط، وادامة مشاعر الشعب تجاه التغيير تتم عن طريق توفير الخدمات، ولو بهامش بسيط، كي يشعر ان هناك ايدياً تعمل لراحته وان هناك حكومة تتخذ القرارات لصالحه، فلا يشعر بالعزلة، وهو قد شعر بها خصوصا خلال السبعة اشهر الماضية.سمعت شيخا كبير السن يجلس بجانبي يردد مع نفسه بصوت منخفض: (من كايلك تشري اشعير، تكرط ما تكرط للجير) اخذني الفضول وانا منشغل بالبحث عن التراث وما يضمه من افكار وعبر، فقلت له: ألهذا المثل قصة، فقال: (بويه احنه قصته ومشه علينه الماي وشرينه الشعير)، وعقب ان فلاحا من الجنوب، اشترى شعيرا ليضعه في الطوامير وهي بناء من طين يوضع لاحاطة الحنطة والشعير لخزنها تحسبا للجوع، في حين ان السلف اشترى الحنطة وحين حل موعد الاستهلاك والحاجة بدا الفلاح يتذمر بان الشعير لا يهضم، وانه مر المذاق فقال له احدهم: (من كايلك تشري اشعير، تكرط ما تكرط للجير)، فعلمت ان اليأس قد دب الى حكمة الشيوخ وهذا من اخطر الاشياء، ربما تجد في حماس الشباب فتورا وفي كلماتهم يأسا لاعتبارات هم مؤمنون بها، ولحسابات حسبوها اعتمادا على امطار آذار التي تأخرت كثيرا، ولكن حين تجد ان اليأس ينبع من الحكمة تظهر لك الخطوط الحمراء كما يسميها السياسيون.الفرص تأتي مرة واحدة او مرتين على الاقل في الدورة الانتخابية لاثبات الكفاءة والحنكة السياسية، لكن للاسف نحن لا نرى حنكة سياسية، بل نرى احقادا متبادلة لمعارضين عرف بعضهم البعض الاخر وهم يعملون بقاعدة مطربة الحي، عذرهم بذلك ربما الحسد او الانانية، والا ما نسمي التراشقات الكلامية التي لا تنتمي لقواعد دبلوماسية، البعض يسميها ضغوطا لنيل الامتيازات في الحكومة المقبلة، والمؤلم في الامر ان بعض الشركاء الستراتيجيين، اخذتهم قضية الانتقائية أيضاً فصاروا يصرحون ان هذه الجهة اذا مسكت الوزارة الفلانية فانهم سيعيدون حساباتهم، اي ان عدوى الانتقائية قد زحفت اليهم، وصاروا يفاضلون بين الجهات والاشخاص كما هي لدينا الان وعلى نطاق واسع، ومع هذا لنتأمل خيرا في الايام القادمة ونقول للذي يفرز خارجا ولا يحصل على شيء وحظا سعيدا في الانتخابات المقبلة.
هواء فـي شبك: (روحة ثور عواد)
نشر في: 9 أكتوبر, 2010: 08:23 م