TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فرجة بلاش

فرجة بلاش

نشر في: 30 نوفمبر, 2012: 08:00 م

قضية الفساد في صفقة السلاح الروسي ، اخذت حيزها في صحف عربية ، وتناولها كتاب كثيرون من زاوية الاشارة الى  حجم استشراء الفساد في الحكومة العراقية ، مستندين في ذلك الى تقارير منظمات دولية ،   ووقائع  وشواهد حقيقية ، دوافع الكتاب لم تصدر من نيات حسنة بل من دوافع اخرى ولاسيما ان اغلب تلك الصحف تصدر في دول معروفة بمواقفها السلبية تجاه العملية السياسية ، والتجربة الديمقراطية في العراق  .

المنطقة العربية معروفة بانها ارض خصبة لاستشراء الفساد بكل انواعه ،  والحكام او اصحاب القرار هم السبب الرئيس في شيوع هذه الظاهرة ،حتى باتت علامة فارقة لاكثر من نظام عربي ، طالما تبنى الشعارات القومية للدفاع عن الامة ، والنضال من اجل استرداد حقوقها المسلوبة ،   ومواصلة النضال حتى اخر قطرة دم يعربي ، وهنا  تبرز المفارقة والمعادلة المضطربة  لتؤكد ان العرب اصبحوا فرجة لشعوب العالم ، ومضحكة لغيرهم لانهم يمتلكون ثروات  طائلة بددها الحكام ، باكذوبة الدفاع عن الامن القومي ، ببناء ترسانة عسكرية استخدمت في الغزو على الجيران وقمع الانتفاضات المطالبة بالحريات والداعية الى اقامة انظمة ديمقراطية .

الكتاب العرب في تناول النسخة العراقية من الفساد  تناسوا  بيوت زعمائهم الزجاجية ، فاخذوا يرمون الحجارة على غيرهم ، متجاهلين  استشراء الفساد في بلدانهم ، وانظمتهم ،  وربما  تصوروا "فسادهم "  يجري في دوائر ضيقة جدا ، ولم تنبعث روائحه الكريهة  لتصل الى وسائل الاعلام ، ولم تتناوله بيانات رسمية رسخت حقيقة ان الفساد في العراق اصبح فضيحة بجلاجل.

الفارق الجوهري بين نسخة الفساد  العراقية والعربية ان الاولى  تعلن بالصوت والصورة ،  والبيانات ، والنسخة الثانية  سرية ومحدودة التداول ، لان صاحب القرار،  ونتيجة خبرته المتراكمة في التعاطي مع  ملفات الفساد لا يسرب اية معلومة قد يستفيد منها من يحاول ان يستخدمها ضده ، والنتيجة النهائية الفساد واحد لكن الاول بجلاجل والاخر يلتزم الصمت المطبق ،  انطلاقا من الايمان  بان فضح السر ليس من صفات الشيخ  طويل العمر .

مع بدء العد التنازلي لموعد اجراء انتخابات مجالس المحافظات والاقضية ، من المتوقع والمرجح ان تكون ملفات الفساد بمتناول الجميع ففي التنافس الانتخابي سيلجا كل طرف لنشر غسيل خصومه و منافسيه على الحبل ، وهذا الحال سيستمر لعدة اشهر ، وستتسرب وثائق وحقائق الى وسائل الاعلام لنشرها لغرض الاطاحة بهذه الشخصية او ذلك المرشح ، وبعد انتهاء  الفصل الاول من نشر الغسيل  ، سيستعد الجميع لجولة ثانية ستكون اكثر احتداما اثناء خوض الانتخابات التشريعية المقبلة ، و"الديمقراطية "بالطبعة العراقية توفر الاجواء المناسبة لنشر  المزيد من الفضائح ، ونكون فرجة مجانية للغير .

العراقيون عرفوا الفساد بنوعيه الاداري والمالي ، والقادة السياسيون والمسؤولون اعلنوا سواء بتصريحاتهم او في برامجهم الانتخابية خوض  الحرب على  المفسدين ، بتفعيل اجراءات هيئة النزاهة وعمل المفتشين ، واعتماد القضاء في محاسبة المسؤول المفسد ،  واصحاب هذا الصوت الصاخب ، وفروا لصحف عربية وكتابها ان يسخروا من العراق وتجربته السياسية ، بفرجة بلاش لمهازل مستمرة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: صيف المالكي

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

الذين يتمسحون بأذيال السيستاني

العمود الثامن: ألف حزب وحزب

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

 علي حسين ينظر المواطن المسكين مثل جنابي الى بلده العراق ، ويشعر بالأسى على بلدٍ كان يراد له أن يلتحق بقطار العصر، فارتدّ بهمّة خطب سياسييه، إلى الوراء، إلى مجرد احزاب سياسية تضحك...
علي حسين

كلاكيت: كيليان مورفي وأشياء صغيرة كهذه

 علاء المفرجي مثل مواطنه دانيال دي لويس، جاء الممثل الايرلندي "كيليان مورفي" الى السينما من بوابة المسرح، ومثل لويس تماما كتب أسمه بحروف ناصعة بين ممثلي السينما الكبار منذ أول دور له، حتى...
علاء المفرجي

الصوم.. في التحليل السيكولوجي

د.قاسم حسين صالح انشغل علماء النفس بدراسة الصوم بيولوجيا وسيكولوجيا وانتهوا بموقفين متضادين: ألأول، يتبناه كتّاب وأطباء نفسانيون عرب،يرون ان الصوم يؤدي الى انخفاض مستوى الجلوكوز في المخ،فينجم عنه اضطراب في عمل الدماغ، واختلال...
د.قاسم حسين صالح

إرباك هائل بسبب دراسة خاطئة

إبراهيم البليهي ليس أسهل من دفع الناس في اتجاه الخطأ خصوصا إذا خوطبوا باسم العلم والبحث العلمي وتم تخويفهم بأن صحتهم في خطر.. ففي عام 1951 نشر الباحث الأمريكي أنسيل كيتس دراسة زعم أنه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram