أنتوانيتا بيكر/وكالة انتر بريس سيرفسلندن، أكتوير (آي بي إس) - أثار العرض السخي الذي قدمته الصين لبعض الدول الأوروبية المثقلة بالديون، بدءاً باليونان، لمساعدتها علي تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية،
سلسلة من الانقسامات الحادة بين الخبراء الذين يعتبرونه "خطة مارشال صينية" لأوروبا، والمراقبين السياسيين الذين ينظرون إليه كمؤشر علي توغل صيني شيوعي في القارة.فقد قاد رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو حملة دبلوماسية مكثفة خلال جولته الأخيرة لمدة أسبوع في عدد من العواصم الأوروبية، والتي هدفت أساسا لتبديد الشكوك ونزع فتيل المخاوف من نفوذ بكين المتنامي على الصعيد العالمي. وشملت الجولة كلاً من اليونان وإيطاليا وبلجيكا وتركيا حيث أجرى المسؤول الصيني محادثات حول تسهيل دخول الشركات الصينية للأسواق الأوروبية، ووقع بضع صفقات استثمارية، وتحدث عن خطط عمل طويلة الأجل لتعزيز تواجد الصين في الدول الأوروبية. وخلاصة ذلك، كانت الرسالة التي أوحى بها رئيس الوزراء، وبدون لبس، للقادة الأوروبيين، هي أن الصين أصبحت الآن لاعبا هاما على الساحة المالية والاقتصادية الأوروبية. فقارنت فيرونيك سالز- لوزاتش الخبيرة في مؤسسة آسيا، "خطة الإنقاذ" الصينية لانتشال الاقتصادات الأوروبية، بخطة مارشال في الأربعينيات، قائلة أنها تمثل نقطة تحول في الاعتراف بالصين باعتبارها لاعبا رئيسيا في العالم. وأضافت في تقرير أخير لها أنه "على غرار خطة مارشال، لا يعتبر العرض الصيني لمساعدة اليونان نوعا من التضامن المنبثق من حسن النوايا، بل وهو بعيد حقا عن "نكران ذات" وعمل الخيري"، مؤكدة أن الخطة الصينية "ترقى الى إستراتيجية اقتصادية ومالية ذكية ومستنيرة". ولقد جدد رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو في محطته الأولى في أثينا، التزام بلاده بالاستقرار المالي الأوروبي، ووصف الاتحاد الأوروبي والصين بأنهما "مسافران علي نفس القارب". وأضاف "نأمل من خلال تكثيف التعاون معكم أن نتمكن من تقديم بعض العون لكم في مساعيكم للتغلب على الصعوبات في أقرب وقت ممكن". وأكد في خطابه أمام البرلمان اليوناني أن "الصين لن تخفض ما لديها من سندات اليورو، وأن بكين تدعم استقرار عملة اليورو". ثم عرض ون جيا باو شراء السندات الحكومية اليونانية عندما تعود اليونان إلى الاقتراض في الأسواق الدولية. كما اقترح إنشاء صندوق بقيمة 5 مليارات دولار لدعم تطوير الأسطول التجاري اليوناني بسفن صينية، وتعهد بدعم المزيد من الاستثمارات الصينية في الاقتصاد اليوناني. ويضاف كل ما سبق إلى الاتفاقيات القائمة بالفعل لاستئجار وتشغيل الميناء اليوناني الرئيسي لمدة 35 عاما، وبناء محطة لوجستية للتواصل مع جنوب شرق أوروبا. كما تستعد اليونان لبيع أصول مملوكة للدولة لجمع الأموال التي تحتاج إليها أشد الحاجة، وهنا تحدثت الصين عن إجراء المزيد من الاستثمارات في قطاعات: الاتصالات والسكك الحديدية والبناء اليونانية. ولقد أثار هذا التوغل الصيني في اليونان موجة من الاستياء بين المراقبين الذين لوح البعض منهم إلى شبح الخطر الصيني. فكتب اروين ستلزر مدير دراسات السياسة الاقتصادية بمعهد هدسون، في صحيفة صنداي تايمز البريطانية "اتخذ ونستون تشرشل وهاري ترومان خطوات لمنع استيلاء الشيوعيين على اليونان، والآن يعد ون جيا باو (رئيس الوزراء الصيني) بشراء السندات اليونانية حينما يتم عرضها مرة أخرى في الأسواق العالمية، وكذلك المساعدة على انتشال هذا البلد المفلس من خلال الاستثمار في اقتصادها ". لكن اليونان ليست هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي يدير مسؤولوها أنظارهم نحو الصين بإعتبارها ضامناً ممكن للانتعاش الاقتصادي في بلادهم. ففي وقت سابق من هذا العام، اشترت بكين 400 مليون يورو من ديون الحكومة الاسبانية، وتردد أن البرتغال وإيرلندا -وكلاهما مهدد بالديون المرهقة وتكاليف خطط الإنقاذ- تتوددان للصين أيضا للاقتراض منها. فتنظر بعض الأوساط السياسية لما تعتبره إغراءات صينية للدول الأوروبية المثقلة بالديون على أنها إستراتيجية صينية في سياق مبدأ "فرق تسد"، لاسيما على ضوء فشل مساعي الإتحاد الأوروبي في وضع إطار سياسي متماسك وموحد للتعامل مع العملاق الاقتصادي. وبدوره، صرح مسؤول في الاتحاد الأوروبي في بروكسل "أنهم (الصينيون) يشكون من أنه من الصعب جدا التعامل مع أوروبا تتحدث بأصوات كثيرة مختلفة كثيرة، لكنهم في الواقع تمكنوا من استغلال هذا الوضع لمصلحتهم، وفي التعامل مع أعضاء (في الاتحاد الأوروبي) مختلفين بعضهم عن البعض الآخر". لكن الخبراد الصينيين يقولون أن أوروبا والصين لديهما نفس الأسباب المبررة لتعميق العلاقات بينهما. فيقول تشانغ غووكينغ، الباحث المتخصص في السياسات العامة بجامعة بكين، "بالنسبة لأوروبا، تلعب الصين ورقة مساومة لزيادة وزنها أمام الولايات المتحدة... ومن الواضح لأوروبا أن هذه هي فرصتها لتعزيز التجارة والاستثمارات مع الصين في هذا الوقت الذي يعد فيه الب
الأزمة المالية العالمية.. "خطة مارشال" صينية لإنقاذ أوروبا؟
نشر في: 15 أكتوبر, 2010: 07:21 م