TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > إنتاج الحياة عبر مسيرة التاريخ وحضارة العولمة

إنتاج الحياة عبر مسيرة التاريخ وحضارة العولمة

نشر في: 16 أكتوبر, 2010: 05:02 م

عبد المجيد حسن شياعيرى بعض الباحثين والعلماء أن العامل الحاسم في تقرير التاريخ وصناعته هوإنتاج وإعادة الحياة ،ويشير هذا المفهوم بالمعنى الدقيق الى عملية صيرورة الوجود وإدامة الحياة ،وهي عملية مزدوجة تتمثل في أسلوبين مترابطين أحدهما يشير الى أسلوب عملية إنتاج وسائل المعيشة (كالغذاء والكساء والمسكن )متضمنا فعاليات صياغة المؤسسات الاجتماعية
 التي يعيش في ظلها الإنسان في زمن تاريخي معين ،أما الأسلوب الثاني في إنتاج الحياة فيتمثل في إنتاج الكائنات البشرية نفسها وتكاثر النوع البشري ،وكما تتطور آليات وسائل العيش على مر العصور،فإن آليات إنتاج الكائنات البشرية تتطور هي الأخرى من خلال تغير طرق وأشكال الزواج والتزاوج شكلا وتعبيرا .ولابد من القول إن التزاوج ليس كالزواج ،فالأول مفهوم بيولوجي بحد ذاته وعملية غريزية تحدث في عالمي الإنسان والحيوان على السواء ،أما الزواج فهو مفهوم بشري ذو بعد يقتصر حدوثه على عالم البشر دون الحيوان ,لأنه يتضمن إلى جانب بعده البيولوجي الغريزي أبعادا وإجراءات ونتائج اجتماعية  تضيف عليه ثوبا إنسانيا بشريا ،لذلك فإن الزواج كما يرى علماء الأجتماع هو مظهر من مظاهر التنظيم الاجتماعي لأي مجتمع وجماعة بشرية ،وهو مؤسسة اجتماعية لها أحكامها وقوانينها وقيمها قد تختلف من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخرى ،وهناك اجماع بين المختصين في علوم الأنسان والمجتمع على تعريفه ،بأنه مؤسسة اجتماعية يستطيع من خلالها الرجال والنساء إشباع حاجاتهم الجسدية والنفسية والعاطفية وتحقيق وجودهم الأجتماعي ،إلى جانب الاتفاق على أن مؤسسة الزواج لها وظائف أخرى تقدمها للمؤسسات الأجتماعية المختلفة في المجتمع ،غير أنه كمؤسسة اجتماعية تختلف في وظيفتها و طبيعتها من مجتمع لآخر ومن فترة زمنية لأخرى ،فللزواج في العالم اجمع نظم وانواع مختلفة بحسب طبيعة المجتمع والمرحلة التاريخية التي يمربها ،فهنالك نظام للزواج الجماعي ونظام للزواج الفردي وهناك نظام لتعدد الزوجات ونظام لتعدد الأ زواج كما أن هناك نظما لتبادل الزوجات والأزواج ونظما لاختطاف الزوجات والنساء ،وغير ذلك من أنماط وأشكال وأساليب له . وقد رسم لنا العالم (لويس مورغان) خطا تطويريا تاريخيا لتطور نظم ومؤسسات الزواج عبر العصور التاريخية ،أشار فيه الى أن الزواج الأمومي أسبق في الوجود من الزواج الأبوي ،وان نظام الزواج الأحادي هو آخر مرحلة من مراحل نظم الزواج التطورية التي مر بها المجتمع البشري. وفي كتابه عن( أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة ) يقول العالم ( فريدريك انجلز) اعتمادا على آراء( لويس مورغان ) ان الجنس البشري مر بمراحل تطويرية ثلاث هي : الوحشية والبربرية ومرحلة الحضارة ،ويرى أن لكل مرحلة من تلك المراحل سماته وخصائصها الاجتماعية والاقتصادية وطبيعة نظمها العائلية وأساليب وطرائق تصريف الطاقات الجنسية في المجتمع .وتوافقاً مع سمات وخصائص كل مرحلة من مراحل التاريخ ،وانسجاماً مع طبيعة النظام الاجتماعي السائد في كل مرحلة من تلك المراحل فإن هناك ثلاثة أشكال أساسية من نظم وعلاقات الزواج والتواصل الجنسي بين البشر : المرحلة الأولى ،مرحلة اجتماعية تميزت بانتشار العلاقات الجنسية غير المقيدة، حيث كل الرجال أزواج لكل النساء وبالعكس ،إذ كانت البشرية وقتها تعيش حالة الشيوعية الجنسية وتمارس العلاقات الجنسية الخالية من كل قيد ،وهي حالة أطلق عليها العالم ( يوهان باخوفن ) حالة التسري ،ويبدو هذا النوع من أنواع التواصل الجنسي غير المشروط حقيقة لا مجال لدحضها من الناحية التاريخية .ولسبب ما يبدو انه ذو صلة بنشوء النظام العشيري وأهمية روابط الدم ،فقد انتقل نظام التواصل الجنسي بين البشر من نظام المشاعية الجنسية الى نظام الزيجة الاجتماعية ،حيث تتشارك مجموعة من الرجال مع مجموعة من النساء في علاقات جنسية ،مع اختلاف صيغ وأنماط وأحجام تلك المجاميع والجماعات ،ويبدو أن نظام الزواج الجماعي والذي لايزال يظهر أحيانا في بعض جزرالهاواي وبعض الجزر الأسترالية البدائية ،إضافة إلى تمظهره في شكل تزاوج مجموعة من الأخوة بمجموعة من الأخوات ،كما عند بعض القبائل الهندية قد عاود الظهور ثانية في العصر الحديث عند بعض الدول الإسكندنافية ،إلى جانب انتشار إقامة حفلات أجتماعية معترف بها اجتماعياً لتبادل الزوجات والأزواج لفترات مؤقتة ،وكان العرب قبل الإسلام يقرون مبدأ تقديم زوجة صاحب الدار الى الضيف لمعاشرتها جنسيا طوال فترة الضيافة ،كنوع من إكرام الضيف والحفاوة به ،حتى جاء الإسلام وحرم تلك الضيافة ،وفي الواقع فقد كان للعالم (باخوفن) فضل في اكتشاف مسار الانتقال من نظام زواج الجماعة الى نظام الزيجة الزوجية ،والذي يعد شكلا او مرحلة وسطى في الانتقال من الزيجة الجماعية الى الزيجة الوحدانية أوالعلاقة المنفردة بين زوج وزوجته ،كما هو الحال في مجتمعاتنا العربية المعاصرة ،ففي ظل هذا النظام كما يقول العالم ( باخوفن ) ،كان بعض الرجال أوالنساء يميلون غالبا إلى اختيار شريك محدد  بين أعضاء المجموعة الزواجية مفضلا إياه على بقية أعضاء الفريق  أو المجموعة في التعاطف النفسي وممارسة العملية الجنسية ،الأمر الذي أفرز نوعاً من العلاقة العاطفية الحصرية بين الرجل وال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram