TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > هل مجتمعنا يحّرض على كراهية المرأة؟

هل مجتمعنا يحّرض على كراهية المرأة؟

نشر في: 10 أكتوبر, 2012: 05:48 م

صابرين فالح

منذ العصور القديمة ولغاية يومنا هذا، تعتبر المرأة في مجتمعاتنا العربية، كائنا يختلف عن الرجل، أو بمعنى أصح يقل عنه شأناً، وذلك لمفاهيم ترسخت في مجتمعاتنا، جيلا بعد جيل، لتلحق بالمرأة الظلم والحيف، وتقلل من إنسانيتها ودورها في المجتمع، وقد ساهمت هذه المفاهيم، في خلق حالة من الكراهية للمرأة ولكل ما يمت لعالمها بصلة .
فكراهية إنجاب الإناث، هي ثقافة عربية ساهمت في تفاقم النظرة السلبية للمجتمع وكراهيته للمرأة، ولم تتغير هذه النظرة كثيرا، منذ ما قبل الإسلام وحتى يومنا هذا، ولم يتغير الوضع كثيرا بعد الإسلام، حيث أُسُتغلت الأحاديث والآيات القرآنية التي ذكر فيها ضعف المرأة الجسماني والعاطفي، والتي كان الهدف منها الحماية والاهتمام بالمرأة، ليزيد ظلم المجتمع لها ولتُعدّ على اساسها؛ ضلعاً اعوج وناقصة عقل، لا يحتكم الى رأيها ولا يعتد بأي عمل تقوم به.
وهكذا وبسبب هذه النظرة السلبية للمجتمع، خُلقت حالة من الاضطهاد والقهر تعيشها المرأة العربية في معظم بلدانها .. في دائرة جهنمية من عنف صاخب يبدأ لفظياً ضدها وفي اماكن متعددة وخلف جدران المنازل وقد ينتهي في لحظة غضب مجنونة الى عنف جسماني او نفسي ضد المرأة بما في ذلك التهديد بالقتل او القسر او الحرمان التعسفي من الحرية في الحياة الخاصة والعامة او يؤدي هذا العنف بالتالي إلى إحداث عاهة مستديمة لها.
وحتى عندما تكون المرأة مضطهدة، او قد تعرضت لحالة من الاغتصاب، او التحرش، فإنها في معظم الأحيان تلجأ الى السكوت، خوفاً من نظرة المجتمع لها، وما قد يلحق بها من عار أو قتل من قبل أهلها إذا تكلمت أو طالبت بحقها، وبدل من أن تكون ضحية، يجب القصاص من جلاديها، تتحول إلى مذنبة يجب القصاص منها ومعاقبتها.
أما حقوقها، التي نظريا قد نالت اغلبها، إلا أنها عمليا ما زالت تعاني من التفرقة بينها وبين الرجل، في الشؤون السياسية، والإدارية، وحتى على مستوى قانون الأحوال الشخصية، فيكفي انها من فترة بسيطة فقط نالت حق التمثيل السياسي والبرلماني، مع بقاء هذا التمثيل في دائرته الشكلية فقط، من دون عمق وممارسة فعلية، ولحفظ ماء الوجه ولبيان ديمقراطيتنا المزيفة التي لا ترقى بأي حال من الأحوال الى ما وصلت إليه معظم الدول المتقدمة .
وقد سادت في الفترة الأخيرة، ظاهرة خطرة في معظم مجتمعاتنا العربية، وهي استغلال المرأة ماديا وجسديا، وإجبارها على العمل في اعمال محرمة، مثل البغاء، والتسول، وأعمال أخرى منافية للأخلاق لغرض التكسب من ورائها، واستغلال حاجتها وضعفها، وإرغامها على القبول بمثل هذه الأعمال، وهذا يدل على نظرة المجتمعات القاصرة للمرأة، على أنها وسيلة بيد الرجل لتحقيق مآربه ورغباته، التي تدمر إنسانيتها وتجعلها أداة طيعة لا حول لها ولا قوة.
إما إذا ابتليت المرأة، بعدم الزواج أو الطلاق أو توفي زوجها، فإنها تصبح في نظر المجتمع وأهلها، عالة على ذويها، خصوصا إذا كانت بلا عمل تعتاش منه، وفي أحسن الأحوال، فإنها تتحول إلى خادمة تقوم بأعمال البيت وخدمة أهلها، لتضمن حصولها على لقمة العيش، وهذا واقع لن يجابهه الرجل أبداً إذا مر بحالة من هذه الحالات. الم يكن هذا كله، سببه ثقافة الكراهية للمرأة، التي استفحلت في مجتمعاتنا؟
وهنا علينا أن نخاطب أصحاب العقول والضمائر حتى المتعلمين، لأن البعض منهم لا يستثنون، أيضا من ثقافة كراهية المرأة، التي ترسخت فيهم جيلا بعد جيل، المرأة نصف المجتمع، وهي تربي وتدير النصف الآخر؛ صلاح مجتمعاتنا في صلاح أحوالها، وإعطائها حقوقها، ووضعها في مكانتها التي تليق بها، كأم وأخت وزوجة ومربية أجيال فاضلة، وهذه دلالة على التحضر والأفكار النيرة، ونقول للمرأة: اعملي بكل جهد تمتلكينه لنيل حقوقك، وعدم الرضوخ لنظرة المجتمع، والانتفاض على كل ما يصيبك من جور وظلم، لتأخذي مكانتك التي تستحقينها، والتي تليق بدورك كنصف فعال لبناء مجتمع سليم، قوامه المساواة بين طرفي الحياة المرأة والرجل .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: تحت شعار: جئنا لنبقى!!

العمود الثامن: جيوب نظيفة!!

عجائب الثورات.. قطاعو طرقٍ ولصُوصٌ

العمود الثامن: الفشل بامتياز

قناطر: كسل وغباء "رأس المال" العراقي

العمود الثامن: بروتوكولات مقهى ريش

 علي حسين حين اقرر ان ازور بلد ما استحضر نصيحة الكاتب البرازيلي باولو كويللو عندما قال ذات مرة إن المقاهي مرايا المجتمع والتاريخ. قبل زيارتي الاولى لمقهى ريش ارتبط اسمه عندي بقصيدة عظيم...
علي حسين

قناطر: عن اليوميات الغائبة في ثقافتنا

طالب عبد العزيز يقول ايكو:" التواضع ليس صديقا للخلق" وفي الامس كان الفرنسي غيوم ميسو قد أوهمني بأنَّ كتابه (حياة الكاتب السرية) إنما هو كتاب مذكرات، وشيئا فشيئاً علمت بأنني أقرأ في رواية له!...
طالب عبد العزيز

الشرق الأوسط بعد عودة ترامب إلى الحكم

فراس ناجي مما لا شك فيه إن عودة دونالد ترامب الى الحكم في أمريكا هو من أكثر العوامل تأثيرا في حالة عدم اليقين والتوازن غير المستقر في المنطقة والعالم حالياً.لذلك من المهم تفكيك كيف...
فراس ناجي

الديمقراطية..لا تصلح لشعب يحكمه فاسدون

د. قاسم حسين صالح في العام (2007).. تابعنا زيارة العراقيين للأمام موسى الكاظم وكانت بالملايين رغم علمهم انهم قد يتعرضون، وقتها، إلى الموت بعبوات أو أحزمة ناسفة أو تفجير سيارات مفخخة أو قذائف من...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram