بغداد/ المدىوجّه رئيس الجمهورية جلال طالباني كلمة إلى الحفل التأبيني الذي أقيم أمس السبت ببغداد في ذكرى استشهاد آية الله العظمى السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس)، ألقاها نيابة عن فخامته، الأستاذ فخري كريم كبير مستشاري رئيس الجمهورية، وفيما يأتي نص الكلمة:
في ذكرى استشهاد آية الله العظمى سماحة السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره الشريف) ونجليه نتقدم إلى حجة الإسلام والمسلمين سماحة الأخ السيد مقتدى الصدر حفظه الله، وسائر آل الصدر الكرام وكل من سار على درب الشهيد وفي هدْي أفكاره، ولسائر أبناء شعبنا العراقي، بالعزاء الصادق الخالص، معربين عن الإيمان الراسخ بان واحدا من أهم الأهداف التي استرخص الشهيد (قدس سره) حياته في سبيل بلوغها قد تحقق بسقوط نظام الطغيان، وأننا نعمل وإياكم اليوم يدا بيد لتحقيق سائر الأهداف، من اجل نصرة الحق وإعلاء كلمته وتوفير الأمن والاستقرار والرفاه لشعبنا.لقد سار الشهيد محمد صادق الصدر (قدس سره) في اثر أجداده الطاهرين من العترة النبوية الشريفة، وظل حاملاً الراية التي رفعها جده الأكبر الحسين (عليه السلام) الثائر الأعظم الذي رفض الذل وأبى الاستكانة وتحدى الطغاة، سائراً على درب الحق ونصرة المظلومين.وكان قد سبقه على الدرب ذاته عَلَم آخر من إعلام آل الصدر الكرام، آية الله العظمى محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) الذي كان مقداما في تصديه لنظام الاستبداد قدر ما كان متبحرا في علوم الدين والمعارف الإنسانية وقد انتقل الكثير من صفاته الجهادية والعلمية إلى الخيرة ممن درسوا عليه وفي الطليعة منهم السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر.لقد انتدب الشهيد محمد محمد صادق الصدر نفسه لمواجهة طاغية العصر ومن اجل الذود عن كل المظلومين. ومن منبر مسجد الكوفة ارتفع صوته هادراً ضد سياسة الحيف والقمع مستحثاً الجماهير على التصدي لها ومعبئاً كل القوى الخيرة لتوحيد كلمتها من اجل هز أركان الطغيان. ولم يعد الكفن الذي صار يضعه على كتفيه رمزاً للفناء بل إعلاناً عن تحدي الموت واسترخاصاً للحياة في سبيل الحق.وكانت مئات الآلاف التي تغص بها باحات المساجد والحسينيات، والملايين التي تحتشد في الشوارع إبان صلاة الجمعة تلبي النداء وترفع الدعاء من اجل أن يبزغ نور الحق ويُخمِدَ نيران الطغاة.وحينما أقدم الحكم الصدامي على الجريمة الكبرى باغتيال السيد محمد محمد صادق الصدر ونجليه فانه لم يكن يريد التنكيل بخصم عنيد أو إسكات صوت هادر فحسب، بل إنما كان بارتكابه تلك الجريمة الشنعاء يبرهن على هلعه من كلمة حق تقال وخوفه من أن لا تصمد آلات البطش والدمار التي يمتلكها في وجه شعب ثائر ضد الاستبداد. ولقد كان سقوط الحكم الجائر دليلاً قاطعاً على أن دولة الظلم تزول، وان الحق لا يعلى عليه. وغدا انهيار بنيان الدكتاتورية برهاناً ساطعاً على أن شهادة السيد محمد محمد صادق الصدر ونجليه، ومن سبقهم أو أعقبهم على طريق الكفاح، إنما فتحت ثغرة في جدار العتمة وشقت دربا إلى النور سالكاً.إن كل تلكم المعاني والعِبَر ستظل معين استلهام واستحضار دائم منا جميعاً. وما أحوجنا إليها اليوم، ونحن نسعى لانجاز مهمة تشكيل حكومة الشراكة الوطنية الواسعة الممثلة لمكونات المجتمع كافة.لقد قطع شعبنا مسيرة مضنية من الآلام قدم فيها التضحيات الجسام في سبيل إنهاء حكم الجور، وبعد سقوطه اخذ يعبر عن مطامحه وتطلعاته عبر صناديق الاقتراع التي كان الدرب إليها مليئاً بألغام يفجرها بين الحين والحين التائقون إلى النكوص نحو الماضي. لكن إرادة شعبنا وتصميمه على المضي في طريق الديمقراطية جعلته يتوجه المرة تلو المرة نحو صناديق الاقتراع، متحديا المخاطر، ليختار من يمثله في الهيئة التشريعية التي تنبثق عنها السلطات التنفيذية.إلا أن المواطنين الطامحين إلى انبثاق حكومة تعمل بهمة على ترسيخ الأمن وتسارع إلى معالجة ملفات الخدمات وتكافح الفساد وتقيم أفضل العلاقات مع الدول الشقيقة والمجاورة والصديقة، يرون أن التلكؤ في انجاز هذه المهمة يؤخر المباشرة في انجاز المهمات الكبرى الماثلة أمامنا حاليا، ويطالبون بتقديم المصلحة الوطنية العليا على سائر المصالح الفئوية خدمة للشعب والوطن.إن بلادنا تمر بمرحلة حساسة وصعبة في تاريخها، مرحلة انجاز المصالحة الوطنية بمعناها الأشمل الأوسع، المصالحة التي تكفل الندية والمساواة الكاملة بين العراقيين كافة، أيا كانت انتماءاتهم الدينية أو المذهبية أو القومية، ومهما اختلفت معتقداتهم وآراؤهم السياسية.وهذه المصالحة لابد أن تنعكس في الشراكة الفعلية في الحكومة المقبلة بحيث لا تستثني أياً من المكونات المجتمعية العراقية ولا تهمل أصوات الناخبين الذين اقترعوا لمن يرونه الأجدر بتمثيلهم.بيد أن الشراكة لا ينبغي أن تكون على حساب الكفاءة والاختصاص في اختيار المسؤولين المكلفين بملفات معينة، ولا يجب أن تغدو أداة لزعزعة العمل الموحد للحكومة، بل لابد أن تصبح تجسيداً لوحدة الكلمة والفعل في تنفيذ البرنامج الذي تتفق عليه القوى المساهمة في السلطة التنفيذية، ووسيلة لبلوغ الغايات المشتركة في الحفاظ على استقرار الوطن وامن المواطن، وتحقيق تقدم سريع في تأمين الخدمات الأساسية وتنفيذ مشاريع نهضوية
طالباني: الشهيد الصدر استرخص حياته لسقوط نظام صدام المباد
نشر في: 16 أكتوبر, 2010: 09:00 م