التاريخ: 5/9/2010 المكان: احد المصارفالمناسبة: توزيع رواتب المتقاعدينالساعة السابعة صباحاً، والشمس من الأفق الشرقي تستعرض فتوتها على المشاة والوقوف ممن لا سقوف تظلهم، جماعات ووحدانا من المسنين يتقاطرون من جهات شتى إلى مصرف الرافدين في شارح الربيعي في حي المثنى، ورغم إن الباب الحديدي للمصرف مغلق إلا إن بعض المتقاعدين يلتصقون بالباب بينما يبتعد الآخرون بضعة أمتار إلى اليمين والشمال
وكأنهم يعلنون للآخرين بعدم الجدوى من التكأكؤ على الباب...تزايد عدد المتقاطرين من الرجال والنساء مع حلول الساعة الثامنة حتى غدوا كتظاهرة صامتة ساكنة، إلا إن حركة دبت في الجمع كما الموجة الهادئة، فقد لاح شرطي من خلف الباب المشبك، فسأله رجل من جماعة الباب:- متى تفتحون الباب؟- ...وتبين إن الشرطي يعتقد بالمثل القائل إذا الكلام من فضة فإن السكوت من ذهبوتشجعت امرأة عجوز فقالت وهي تشير إلى الداخل- ألا تسمحون لنا بالوقوف هناك في الظل؟- ممنوع.قرفصت السيدة العجوز في مكان وقفتها، وحذت بعض الأخريات حذوها..قال الرجل الكهل لصاحبه:- أتعرف أن هذه السيدة كانت مديرة مدرسة وقد تخرج على يديها آلاف الأطباء والمهندسين والضباط والمدرسين خلال ثلاثين عاماً،فأجابه صاحبه:- ولكنها تريد الوقوف في الظل وهذا ممنوع كما تفضل الشرطي!وعندما حان (حين) الثامنة والنصف فتح الباب فدخل الجمع كتفا لكتف كالبنيان المرصوص وما أن تخلصوا من عقبة الباب حتى راح الكثير بالركض لكي يكونوا الأوائل في الصف عند تسلم الرواتب وتكون الصف الطويل وبعد أن اطمأن الجميع على أماكنهم، جلس في الصف أولئك الذين لا يستطيعون الوقوف وطال الانتظار وتجاوزت الساعة التاسعة ثم تجاوزت العاشرة والنصف والصف (الكيو) لم يتحرك قيد أنملة وعلت الهمهمات وصاحت سيدة مسنة (هل يرضى الله بما يفعلونه بنا)؟ وقال آخر(يكون يرفعوه)! وآخر(شوف أكو فد يفعلونه يشوف حالنه)؟؟ وجاء رجل من أقصى المصرف لاهثاً:(يمعودين ديفوتون الحبايب بلا سره من ذيج الصفحة)؟وعند هذا الخبر النازف فساداً، هرع القادرون على الهرولة تاركين الصف (فالصو) باتجاه (الصفحة) الأخرى من المصرف بينما حافظ الباقون على (مواضعهم) لأنهم لا يستطيعون غير ذلك...وصعق (المرابطون) في مواقعهم بإطلاقتين ناريتين فوق رؤوسهم وثغبت امرأة (يبـووو إيريدون يكتلونا)!!ومع رعشة الخوف واصفرار الوجوه راح البعض يستدين من البعض أجرة الرجوع الى بيوتهم..
هموم متقاعدين
نشر في: 17 أكتوبر, 2010: 06:52 م