إن المنطقة التي تعرف اليوم باسم الفاتيكان، كانت في العصور القديمة، خالية من السكان وتشكل جزءًا من الضواحي المنتشرة حول مدينة روما خلف التلال السبعة التقليدية التي تشكل حدود المدينة على الضفة اليمنى لنهر التيبر، وقد استمدت المنطقة والمدينة اليوم اسمها من إحدى هذه الهضاب الصغيرة التي كانت تسمى الفاتيكان،
وهذه الهضبة لم تكن ضمن قائمة الهضاب السبع الشهيرة التي تنقل التقاليد الإيطالية،إنها كانت مهد مدينة روما الحديثة؛ وقد بنيت على هضبة الفاتيكان كاتدرائية القديس بطرس اليوم؛ وعلى الرغم من كون مدينة روما المقر الدائم للبابوية الكاثوليكية إلا أن البابوات قبل القرن الرابع عشر كانوا قد اتخذوا من قصر لاتران في المدينة مركزًا لهم، ولم تتجه الأنظار نحو الفاتيكان إلا في أعقاب الانتهاء من انشقاق أفينغون، حيث انتقل البابوات ومعهم الكنيسة إلى الفاتيكان وشيّد هناك خلال عصر النهضة سلسلة من المباني والمتاحف الفخمة فضلاً عن القصر البابوي والحدائق البابوية الواسعة وعدد من المباني الأخرى.واكتسبت هضبة الفاتيكان أهميتها، ومن ثم دورها كعاصمة للكاثوليكية العالمية، من كون التقاليد المسيحية الكنسيّة قد نقلت أن الهضبة كانت الموقع الذي شهد صلب القديس بطرس الرسول ضمن حملة اضطهادات واسعة قادها الإمبراطور الروماني نيرون على المسيحيين، ونقلت التقاليد أيضًا أن القديس بطرس قد دفن في قبر صغير أسفل الهضبة؛ هذه التقاليد تمّ تأكيدها من خلال المزار القديم للقديس بطرس في التلة، وحديثًا من خلال البحوث والتنقيبات الأثرية ؛ لا يمكن اليوم رؤية أو الشعور بوجود تلة الفاتيكان الأصلية إذ شيدت فوقها كاتدرائية القديس بطرس عام 1506 والساحة التي تمتد بشكل اهليلجي أمامها والمسماة على اسم القديس بطرس أيضًا وهي مرصوفة بالحجر الغرانيتي الأسود.من ناحية روما اليوم، فإن الفاتيكان تقع في شمال غربي المدينة، بعيدة فقط عدة مئات من الأمتار عن نهر التيبر؛ يبلغ مجموع طول حدودها 3.2 كم وهي محددة بواسطة سور خاص مزين بعدد من الأعمال الفنية وينفتح مقابل ساحة القديس بطرس على مدينة روما؛ بني السور الأول للفاتيكان حماية لضريح القديس بطرس البابا ليون الرابع (847 -855) ثم أعاد بناء السور بالشكل الحالي البابا بولس الثالث (1534 -1549) واعتبر هذا السور الأساس الذي تمّ بناءً عليه ترسيم حدود الفاتيكان بشكلها الحالي عام 1929، أضيف إليه سور صغير حديث العهد لتسوير المناطق الشمالية من المدينة، أما الفاصل بين ساحة القديس بطرس وروما، حيث تنفتح الفاتيكان على روما دون وجود سور، فقد تم تحديده بخط أبيض مرسوم على الأرضية فاصلاً بذلك الساحة عن ميدان البابا بيوس الثاني عشر؛ وترتبط الفاتيكان مع روما من خلال طريق واحد هو جادة ديلا كونكيليازون الذي يقطع نهر التيبر باتجاه ساحة القديس بطرس.ولا تقتصر أملاك الفاتيكان على المدينة، إذ تشمل جميع الكنائس والكاتدرائيات والأديرة والمصليات (كابيلات أو كنائس صغيرة مكونة من ردهة واحدة) الواقعة في مدينة روما، إضافة إلى قلعة غاندولفو الواقعة إلى الجنوب من روما قرب ساحل البحر الأبيض المتوسط والتي تعتبر المقر الصيفي لإقامة البابا فضلاً عن احتوائها على المكتبة الفاتيكانية الفلكية والمرصد الفاتيكاني الفلكي؛ يضاف إلى هذه القائمة عدد من الأبنية التي تمثل سفارات الدول لدى الفاتيكان وعدد آخر من الشقق السكنية والمكاتب التي تعود ملكيتها للفاتيكان ويشغلها موظفون خاصون بالكرسي الرسولي؛ يذكر أن جميع مباني الفاتيكان الواقعة خارج أسوار المدينة، يتولى الحرس السويسري شؤون الأمن فيها وليس الشرطة الإيطالية.
مبنى واحد فقط يحتل نصف مساحتها الإجمالية!!
نشر في: 18 أكتوبر, 2010: 05:22 م