طارق الجبوريتختلف اهمية الحكومات في وضع و رسم سياسات اي بلد وطبيعة مهامه وتوفير احتياجات شعبه ، بحسب طبيعة النظام الذي تسير عليه ، فالنظام الرأسمالي0وبحسب ما يدعيه منظروه ) اعتمد الديمقراطية بأوسع أبوابها التي أعطت الارجحية للشعب وممثليه في البرلمان ومنظمات المجتمع المدني واعتمدت اهمية الفرد ، بهذا القدر او ذاك ، في صنع القرار،
في حين اعتادت الانظمة الاشتراكية ان تتولى الحكومات مسؤولية كل شيء ومارست ما اطلقت عليه الديمقراطية الشعبية في وضع السياسات العامة ، كما ظهرت أنظمة حاولت ان تشكل طريقاً خاصاً لها بين بين كما يقول المثل، واعتقد بعض قادة العالم الثالث ( ان الديمقراطية في العالم الغربي نظام سياسي لايلائم شعوبهم ) لذا حاولوا إقامة ما يعرف بالنظام الديمقراطي الموجهوكان الرئيس سوكارنو رئيس جمهورية اندونيسيا آنذاك أول من استخدم هذا التعبير. ونعتقد ان من الخطأ الجسيم والنظرة المجتزئة للامور إرجاع فضل النجاحات التي تحققت في دول اوروبا الى طبيعة النظام الرأسمالي وفكره الذي يحمل الكثير من الاخطاء، مثلما ان من التجني على الفكر الاشتراكي ان نحيل سبب ما أصاب أنظمته من إخفاقات إلى ما فيه من مباديء هاجمها البعض دون وجه حق ، حيث ان كلا الفكرين يحملان في طياتهما عوامل نجاح وإخفاق في آن معاً ، من أبرزها النظرة الى الديمقراطية كمخرج وبداية حل للكثير من الازمات التي واجهت وتواجه العالم ، ويبقى في هذه الحالة الاحتكام الى طبيعة تعامل الانظمة مع هذه القضية ( الديمقراطية ) التي شغلت العالم حتى قبل ان يضع أرسطو نظرية وفلسفة الدولة المدينية (وإيثاره بصورة عامة النظام الديمقراطي في الحكم ورفضه فكرة استاذه افلاطون المستبد المستنير) . وليس من الجديد القول ان النظام الرأسمالي تعامل مع موضوع الديمقراطية في بلدانه بكثير من الدراية وربما الحكمة والمقدرة التي جعلت منه نموذجاً تشرئب اليه اعناق مواطني بلدان المعسكر الاشتراكي قبل انهيارها وكذا شعوب العالم الثالث ومنها محيطنا العربي ومن ضمنه العراق . ويشهد تاريخ اورورباعلى حجم التضحيات التي قدمها المواطن هناك على طريق نيله حقه الديمقراطي وما حصل من متغيرات انضجت هذا المفهوم ليكون مواكباً لحركة وحاجات المجتمع.ومنذ 2003 وما شهده العراق من متغيرات فقد أثير الكثير من المواضيع بشأن الاتجاهات الجديدة لنظام الحكم في مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ومن أبرزها اختيار الديمقراطية كطريق للسير في العراق الى المستقبل ، وطرح البعض افكاراً متفائلة عن جعل العراق واحة للديمقراطية وسط مجتمع عربي متعطش لهذا النهج الذي حرم منه ، رغم ما يسود انظمته من برلمانات اعتدنا ان تكون الغلبة والارجحية فيها الى الاحزاب الحاكمة .ومع ما أصاب عملية التحول في العراق خاصة في مجال التطبيق الديمقراطي من تشوهات ولادية صاحبته منذ البداية ، إلا أن وقعه أثر على المنطقة نسبياً وبدا للمتابع ان هنالك تململاً شعبياً يبرز في هذه الدولة او تلك لتصحيح مسارات التطبيق الديمقراطي ، تملماً افضى الى إجراءات لتطويقه والالتفاف عليه من قبل السلطات الحاكمة هناك من خلال إطلاق الوعود بإصلاحات ديمقراطية والسماح لأحزاب المعارضة بالعمل ضمن حدود معينة ، والسعي لتطبيق ترقيعات إصلاحية في المجال الاقتصادي قد تخفف من حالة تذمر الطبقات المسحوقة ، دون إغفال تهويل وتضخيم الجانب السلبي لما حصل في العراق ومحاولة إلصاق ذلك بالديمقراطية وتحميلها مساوئ ما جرى سواء كان ما يتعلق بالجانب الطائفي او المحاصصي وما صاحبهما من حملات قتل على الهوية وهروب اعداد غير قليلة من كفاءاته الى الخارج وغيرها من المظاهر التي استنزفت جهد وموارد العراق ومنها: فقدان الأمن والقانون واستشراء الفساد بنوعيه السياسي والوظيفي . وصار المواطن في العراق وغيره وهو يتساءل عن جدوى ما حصل يتجاذبه نوعان من الهواجس والمخاوف، الأول: هو ما قد تسفر عنه حالة الوضع السياسي الهش والضعيف من نتائج قد تهدد مجمل الوضع الجديد الذي لايحتمل هزة عنيفة وبالتالي فقدان الامل بتحقيق تغيير فعلي ينقل البلد الى فضاءات الحرية الحقة وما يمكن ان ينتج عنها من تطور وازدهار، والثاني هيمنة وسيطرة قوى وأطراف سياسية معينة على عملية التغيير وتجييرها لصالحها والعودة بالعراق الى عهود الدكتاتورية، ولكن بغطاء ديمقراطي مهلهل لايلامس جوهرها النبيل ولاغاياتها، وبالتالي خسارة فرصة ذهبية لاتعوض .وهنا لابد من الإقرار بأننا لا نملك المعلومات الإحصائية الدقيقة التي تهيئ لنا أرضية فهم أسباب عدم السيطرة على زمام ما حدث في العراق بعد 2003وتركه بهذا الشكل السيئ من الانفلات ، إن ذلك يثير فينا أكثر من تساؤل من بينها هل علينا حقاً ان نصدق ان الادارة الاميركية وحلفاءها ، وهم يخططون منذ سنوات لهذا الحدث ، دخلوا العراق دون ان يضعوا ملامح ما يجب عمله ؟ وهل حقاً ان اميركا كانت تهدف الى بناء نموذج ديمقراطي في المنطقة ؟ واذا كان ذلك صحيحاً فكيف يمكن لها ان توازن بين ما تريده في العراق من ديمقراطية وبين مصالحها في دول المنطقة التي ما زالت انظمتها تعتبر الديمقراطية وصفة غ
وقفة لابدّ منها..الديمقراطية وتجربة التغيير فـي العراق
نشر في: 20 أكتوبر, 2010: 05:19 م