TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الفكر الديني مواكبة للعصر أم التناقض معه؟

الفكر الديني مواكبة للعصر أم التناقض معه؟

نشر في: 22 أكتوبر, 2010: 04:38 م

حسين علي الحمدانيبين الحين والآخر تطرح فكرة تحديث وتجديد الفكر الديني ، وهذه الطروحات تتزامن عادة مع وجود أزمات فكرية وتصادمات غايتها تشويه الإسلام وبث الفرقة بين صفوف أبنائه أو جعل هذا الدين طرفاً في معادلة الصراعات الدولية من جهة ومن جهة 
إبراز هذا الدين السماوي بغير الصورة التي يحملها والمبادئ التي يؤمن بها وفي مقدمتها نبذ العنف والتطرف .لذا فإن اتباع المنهج الواقعي القائم على العلم والمنطق وروح النص القرآني المتجدد هو السبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة , والبحث هذا يتحقق حيث نتحرر من الانطواء على الذات والانغلاق ، والانفتاح على الغير بحوار عقلاني منفتح، لأن الحقيقة لا يملكها الفرد المنعزل ولا الحضارة المنطوية على ذاتها. ويبدو أن النظريات والأفكار والعلوم والحضارات لم تنشأ ولم تزدهر إلا بالانفتاح والحوار والاستفادة من الغير، ولعل علم الأصول وتطوره في الفكر الإسلامي في عصوره الأولى نموذج لهذا الانفتاح والحوار.والإسلام ذاته في قرونه الأولى كان يبحث عن الحداثة ويتواصل معها، فكانت هنالك سلسلة مترابطة من الأحداث الفكرية التي جعلت من الإسلام دين أمم كثيرة وشعوب ما كانت لتدخل الإسلام آنذاك لولا مجموعة من القيم والممارسات التي جعلت من هذا الدين مرغوبا لدى هذه الشعوب والأمم .فأنشئت مدارس فكرية وعلمية عديدة في أمصار العالم الإسلامي وانبثقت مع مرور الزمن أفكار ورؤى كانت غايتها بالتأكيد أن يواكب الدين الإسلامي العصر ولا يتناقض معه بحكم إن الإسلام كدين لم يكتمل في يوم واحد بل احتاج إلى عقدين ونيف من السنوات لتكتمل الرسالة ، وهذه فترة زمنية استطاع فيها الإسلام أن يترسخ عبر التدرج حينا وبناء القناعات حينا آخر .وهذا يجعلنا نستنتج بأن الدين الإسلامي واكب تطورات كثيرة في الـ23 سنة التي أكتمل فيها القرآن الكريم  وانتقل فيها من مكة القرية إلى يثرب المدينة بل وتعداها إلى الحبشة وما حول المدينة المنورة .فكانت الدولة الإسلامية في عهد الرسول (صلى الله علية وآله وسلم ) ومن بعده قائمة على الانفتاح والتسامح من جهة ومن جهة ثانية انفتحت بشكل كبير على الأمم والأديان الأخرى، فكان هنالك ما يشبه الحوار الحضاري بين العرب المسلمين وغيرهم حتى وصل الإسلام إلى إسبانيا عابرا المتوسط حاملا لواء القيم التي مهدت له البقاء أطول فترة .إذن الدين الإسلامي  هو دين تجديد وإلا لاكتفى بأن ينتشر في الجزيرة العربية  فقط  , وعندما نقول دين متجدد لأنه رسالة ليس للعرب وحدهم بل للعالم بأجمعه  , هو دين كل زمان ومكان ولا يمكن أن ينغلق على ما  أنجز في عصر من العصور لأن ذلك سيحول هذا الدين إلى تراث جامد غير قابل للتطوير والتجديد وسيأخذ القالب الذي توقف عند الآخرين .في زمننا المعاصر هذا وجدنا الكثير من مفكرينا يطرحون بشكل متأخر فكرة تحديث وتجديد الفكر الديني، فالأمر يتعلق هنا بتحديد دور ومكانة الإسلام في صياغة المستقبل الأخلاقي والفكري، وبالنتيجة التنظيم السياسي والاجتماعي، للمجتمعات المسلمة.لكننا هنا نجد بأن طرح هذه الأفكار بعد قرون طويلة من الصمت , هذه القرون شهدت جموداً فكرياً واكتفاء بما أنجز وسط تطور هائل شهدته الأمم الأخرى  وسبب ذلك هو أن الفكر الديني  ابتعد عن المنهج العلمي الدقيق في تناول القضايا المعاصرة واكتفى أغلب مفكرينا بالنظر للدين كتاريخ فحسب شأنه في ذلك شأن الكثير من الحوادث التاريخية .لذا فقد تاه الفكر الديني في متاهات خطيرة انعكست على حياة أتباعه الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.وخطر هذا الاضطراب وعدم نقد المفاهيم يتعدى ذلك إلى العلاقات البينية والعلاقات الكونية مما يعني عدم تحقيق الاستخلاف واستعمار الارض والمشاركة في الحضارة، بل يعني إعاقة عجلة الحضارة القائمة والمتحركة.لذا نحن أمام مجموعة كبيرة من المفاهيم والمصطلحات بغية مراجعتها وإعادة تركيبها وفرزها وفق آليات المنهج العلمي وليس الكلاسيكي الذي اعتدناه في السابق .ومن الطبيعي جدا أن لا نستخدم ذات الآليات النمطية في عملية تحديث وتجديد الفكر الديني ، لأن هذه الآليات كانت أحد عوامل التراجع لعدة قرون .وهذا ما توصلت إليه الكثير من الجماعات الإسلامية سواء في الجزيرة العربية أم المغرب العربي أم حتى في مصر وغيرها ، اليوم نجد دعوات صريحة وعلنية للمراجعة بعد أن كانت هذه الدعوات تكبح في مهدها قبل ولادتها , بالتأكيد هنالك أسباب كثيرة لعل في مقدمتها استخدام الإسلام كغطاء شرعي للكثير من النزعات الفردية الهدامة التي تؤسس وتنظر لرسم صورة سيئة للإسلام عبر عمليات همجية هنا وهناك , الشيء الآخر ما يصدر من فتاوى هي فوضى أكثر مما هي فتوى من أشخاص بعيدين جدا عن الأهلية لإصدار هذه الفتوى أو حتى إبداء الرأي في مسائل بسيطة , وهذا ما انتبهت إلية المملكة العربية السعودية بتحديد جهة الإفتاء في مجموعة من العلماء رغم تحفظ البعض على هذا القرار باعتباره يمثل فرض إرادة الدولة على رجل الدين أو ما يمكن تسميته بمأسسة الإسلام أي جعل الإسلام مؤسسة تابعة للدولة.وبالضرورة  فإن واحداً من التعقيد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram