اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المجتمع المدني.. خطابة الهزيمة في الديمقراطية

المجتمع المدني.. خطابة الهزيمة في الديمقراطية

نشر في: 22 أكتوبر, 2010: 04:47 م

أستراليا/ بول كوركورانخطب التنازل بعد الانتخابات التي تشهد صراعاً صعباً تتجاوز الرسميات الفارغة من المعنى. تساعد هذه الخطب في ترسيخ شرعية النتائج، وتعزز الوحدة القومية، وتمهد الطريق أمام تنفيذ انتقال سلمي وفعال للسلطة.
في حين كان يتم عدّ الأصوات الانتخابية في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، لعب المرشحان الرئيسيان لرئاسة الولايات المتحدة أدوارهما في الفصل الأخير من مسرحية سياسية ثابتة. كان أول المتكلمين المرشح الخاسر جون مكين. اعتمد خطاب التنازل الذي ألقاه صيغة بلاغية عريقة."أصدقائي، لقد وصلنا إلى نهاية رحلة طويلة. لقد تكلم الشعب الأميركي، وتكلم بوضوح. قبل فترة قصيرة كان لي شرف الاتصال بالسناتور باراك أوباما لتهنئته ... على انتخابه الرئيس التالي للبلاد التي نحبها نحن الاثنان. في منافسة طويلة وصعبة كهذه الحملة فإن مجرد نجاحه يستحق احترامي لقدرته ومثابرته. ولكونه تمكن من النجاح من خلال إلهاب آمال تلك الملايين العديدة من الأميركيين الذين كانوا يعتقدون خطأً بأنهم لا يملكون الكثير من المصلحة ولا الكثير من التأثير على انتخاب رئيس أميركي، جعلني أعجب به بعمق وأهنئه على إنجازه."في خطاب النصر، ردّ باراك أوباما مؤكداً "بأننا لم نكن أبداً ببساطة مجموعة من الأفراد أو مجموعة من الولايات الحمر (تؤيد غالباً الحزب الجمهوري) أو الولايات الزرق (تؤيد غالباً الحزب الديمقراطي). نحن كنا وسوف نبقى دائماً الولايات المتحدة الأميركية." قدم الرئيس المنتخب في الكلمات الآتية تحية إلى خصمه، فقال:"قبل وقت قليل في هذا المساء، تلقيت مكالمة هاتفية كريمة بدرجة استثنائية من السناتور مكين. لقد قاتل السناتور مكين طويلاً وبجهد كبير في هذه الحملة وقاتل لوقت أطول وبجهد أكبر في سبيل البلاد التي أحبها. لقد تحمل تضحيات من أجل أميركا لا يستطيع معظمنا البدء بتصورها. لقد أصبحنا في وضع أفضل بفضل الخدمة التي أداها هذا القائد الشجاع غير الأناني."يجري تمثيل فصول هذه المسرحية في كل ديمقراطية صحيحة. فقد تمنّت سيغولين رويال لنيكولا ساركوزي "أفضل النجاحات له في تنفيذ مهمته في خدمة جميع أفراد الشعب الفرنسي." وأعلن رئيس الوزراء الياباني المهزوم تارو أسو، "أعتقد بأن هذا هو حكم الشعب وعلينا ان نعكس ذلك بإخلاص." كما أنهت اتصالات ودية مماثلة حملات سياسية ديمقراطية حول العالم. قد يصرف الشخص نظره عن هذه التصريحات على اعتبار أنها رسميات فقط: كياسة غير صادقة، لا مبرر لها، وفي أفضل الحالات أكل عليها الدهر وشرب. ولكنها تلعب دوراً حاسماً: في خطاب التنازل يقبل المرشح الخاسر شرعية نتائج الانتخابات. وتشير استجابة المرشح الفائز إلى ان مؤيدي جميع المرشحين الآخرين يظلون جزءاً ثميناً من المؤسسة السياسية القومية. وهكذا تنتهي كل عملية انتخابية مهما بلغت حدة التنافس فيها بتعبير يُشدّد على الوحدة القومية.rnطقوس رسمية لعملية الانتقالالأمر المدهش أن المرشح الخاسر تتوفر له أفضل وأهم فرصة خطابية في مسرحية ليلة الانتخاب الأخيرة كما في العملية الديمقراطية. يرجع المرشح الفائز بالتأكيد إلى وعوده الانتخابية. ومن خلال الاعتراف بكياسة منافسه، يبدو بسهولة على أنه شهم حتى وعندما يضخم في كيل مديحه لخصمه إنجازاته الخاصة.الخطابة في الهزيمة لديها مهمة أكثر أهمية في تحقيق الطقوس الرسمية للانتقال السياسي في دولة ديمقراطية. يُلقى خطاب التنازل بأقل قدر ممكن من الإعداد من جانب شخصية قوية في وقت من الإجهاد العاطفي الكبير، ويجسد هذا الخطاب الكياسات المطلوبة للاستقرار الاجتماعي وللسلطة السياسية الشرعية. وهو ينهي بصورة احتفالية الأزمة الرمزية (الانتخاب) التي تمارسها الديمقراطيات بانتظام مقصود، وبذلك يعزز بصورة مرئية السيادة الشعبية والنظام الدستوري. بالنسبة للخاسر تترجم المسرحية الخطابية الهزيمة في الانتخابات إلى قصة تصف النصر: تجدد الجبهة الخاسرة أملها بتحقيق نصر في المستقبل. ويتم التعبير عن لغة القتال، إخلاص المحازبين، والمبادئ المعارضة على شكل استعارات من الفضائل القديمة العهد، والكياسة المبالغة، والروح الرياضية، أي على المستوى الذي تكون فيه ممارسة اللعبة أمرا أساسيا وحيث تكون قواعد اللعبة اكثر أهمية من كسب او خسارة منافسة معينة.بعضهم يحول الانتخابات الرئاسية الأميركية إلى دراما من الصراخ المنظم بين الأعداء. فهي كالحرب تضج بالأصوات وتثير العواطف. تميل وسائل الإعلام إلى تعزيز هذا المفهوم الحزبي من خلال التشديد على التفرقة والنزاع، وذلك من خلال إجراء تحديد للفائزين والخاسرين من خلال استفتاءات الآراء الأسبوعية. يلقي المرشحون الشك على كفاءة خصومهم وصفاتهم ومؤهلاتهم للقيادة. يتم التساؤل بدقة عن سير حياة المرشحين الذين يشغلون المناصب. يتم سبر المرشحين بحثاً عن إشارات ضعف. ويدخل المرشحون الذين يشغلون المنصب في "نمط الانتخاب" ويكرسون جهداً عظيماً لإشغال المنصب لفترة أخرى.تعمل منظمات الحملات الرئاسية الحديثة على تقسيم مجموعة الناخبين إلى أجزاء ومن ثم توحد إيديولوجيا الغالبية في هذه ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram