اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > محمد غني حكمت والاحساس الدائم بـان النحت ذاكرة مدينة

محمد غني حكمت والاحساس الدائم بـان النحت ذاكرة مدينة

نشر في: 23 أكتوبر, 2010: 05:09 م

علي حسين يحمل محمد غني حكمت  سنواته التي تعدت الثمانين في شوارع احبها، اليد صلبة  و الذاكرة شابة تجول في شوارع بغداد تصطاد حكايات العراقيين واحلامهم وقلقهم وضياعهم وبؤسهم وتشردهم ونرى المدينة كلما طلعت علينا كهرمانته وهي تصب الزيت على رؤوس اللصوص وكلما اطلت شهرزاد بقامتها الفارعة، ونرى بغداد كلما اطل علينا محمد غني بقامته المربوعة  من على شاشة التلفزيون ونشم عبقها حين يهدر صوت المتنبي مجلجلاً :
على قلق كان الريح تحتي                         اسيرها شمالا اوجنوبا ونحس نبضها في ملامح نصبه  ونرى تضاريسها في وجهه المحبب الى النفس، فنشعر اننا ازاء شخصية حملت في جوانحها كل افراح واوجاع واحزان ومسرات العراقيين. ينتمي محمد غني حكمت  الى طائفة من الفنانين  الاثيرين على قلوب القريبين منه.. فنان  يتمتع بعبقرية لها طعم خاص يترك اثراً في النفس..حين تشاهده تشعر وكانك قرأت كتاباً ممتعاً..فعند هذا الفنان قدرة عجيبة على تشرب الثقافة والحياة الكامنة خلف هذه الثقافة..فعندما يقف محمد غني حكمت في مشغله  يكون عقله وقلبه واعصابه جزءاً من العمل النحتي  فيعطي كل ماعنده.من بين الشخصيات التي تسحر محمد غني حكمت وسحر بها الناس  شخصيات الف ليلة وليلة  وقد قدمها لنا من خلال عدة نصب ابرزها كهرمانة وشهريار وشهرزاد والسندباد البحري، حيث منح هذه الشخصيات حيويتها  التاريخية بشكل عكس صور هذه الحكايات مختزلا من خلال نصب انيقة  نفسه. يقول الناقد الفرنسي جان ماركيه  ان "داخل كل فنان حقيقي فيلسوف متامل "و لعلَّ  هذه العبارة هي الأكثر ملاءمة لوصف تجربة شيخ النحاتين محمد غني حكمت الذي ارتضى، على مضض، صفة " النحات "على حساب  "حلم الرحالة الجوال  "فهو لو لم  يُعِدّ نفسه ليكون فناناً لتمنى ان يتحول الى السندباد البحري  معتبراً أنّ الفن وحده  لا يكفيه، وأنَّه كالغناء واللهو، مزيج من العمل والمتعة.يفاجئك وهو الشيخ الذي تخطى الثمانين بانفتاحه على كل التجارب الجديدة، متكئاً على مقولة النفري «العلم المستقر كالجهل المستقر». في الواقع، فإن هذا الفنان البارز، لم يتوقف في محطة ثابتة. لطالما خضعت تجربته لتحولات كبرى، منذ أن درس النحت في معهد الفنون الجميلة على يد جواد سليم وجد نفسه في مهرجان من النصب والتماثيل."من خلال علاقتي الخاصة باستاذي جواد سليم  تعرفت على عالم جديد هو عالم جواد.. كما تعرفت على مشاهير الفنانين.. فقد كانت مكتبة جواد غنية جداً. وبدأت أدرس تلك الأعمال وأتساءل كثيراً، بدأت أتعرف على مسائل تفصيلية كثيرة، وبدأت أدرك أن النحت ليس المحاكاة.. أنما هو أوسع من ذلك : ثمة شروط كثيرة ومختلفة لمعرفة هذا العالم وبدأت أفهم أن الإبداع يتطلب جهوداً شاقة ".قبل هذا كان الصبي ماخوذا بعالم الالوان الساحر وهو يرافق والده الى دكانه الواقع بالقرب من ضريح الامام موسى الكاظم، هناك كان ماخوذا بسحر الزخرفة والابواب التي تحيط بالمرقد والزخارف التي تملا الجدران :"كنت ارافق والدي الذي كان يعمل في تطريز ((العباءات)). وثمة ألوان وأصباغ سحرتني ودفعتني إلى مراقبة عمل والدي. ربما هناك أثر آخر وهو وجود محل والدي المقابل لباب المرادية في الكاظم، حيث كنت أشاهد ذلك الباب المزخرف وأرى تلك النقوش العربية الجميلة وتلك الألوان الساحرة ".ستون عاما قضاها محمد غني حكمت في محراب النحت، يحاور الحجر، ويلهو فوق سطح الخشب العتيد كطفل أدمن غواية اللعب، ولا يزال وهو في عباءة الثمانين شغوفا بهذه الغواية، ينوع ظلالها وخطوطها وأشكالها، يمسك بمطرقته وهو يتذكر ابياتاً كتبها مايكل انجلو قبل خمسمائة عام :إن مطرقتي العنيفة لتشكل الأحجار الصلبة على شبه إنسان آناً هذا وآناً ذاك وتستمد حركتها من الراهب الذي يوجهها ويراقبها ويمسك بهاولد صاحب كهرمانة وشهريار والمتنبي وعشرات من النصب، في بغداد  عام 1929، في مدينة بغداد، الكرخ وفي سوق العجمي وهو مثل معظم الأطفال السعداء تعلم القراءة والكتابة قبل دخول المدرسة." في المدرسة الابتدائية "المدرسة الأميرية" بدأت أولى محاولاتي في الفن.. كانت محاولات في الرسم. كنت شغوفا برسم الاشياء المحيطة بي ، هذه المحاولات اثارت انتباه والدي الذي كان ذا نزعة فنية ،بدائية ".ويتذكر: كنت أرافق والدتي  إلى سوق القماش في الكاظمية، فاكتشفت عالماً لونياً باهراً في الأقمشة الشعبية التي كانت     "تبتاعها أمي من هذا السوق،في ذلك الوقت تمنيت ان اصير رسّاماً لأقمشة النساء ".  في معهد الفنون الجميلة يكتشف عالما جديدا، ويشاهد على يد جواد سليم نسخاً للوحات عالمية طالما سمع عنها، وتسحره تخطيطات مايكل انجلو، لكنّ ملازمته لجواد سليم كانت تنقله إلى فضاء أرح

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram