حازم مبيضين مؤكد أنه كلما تأخر التوصل إلى حل سلمي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، فإن التطرف سيجد البيئة المناسبة للنمو والانتشار، وسيجد الإرهاب كذلك من يرعاه ويأخذ بيده، ومؤكد أن العراقيل التي يستنبطها يومياً نتنياهو ووزراء حكومته المغرقون في التطرف، ستمنع الرئيس الفلسطيني محمود
عباس من العودة إلى مائدة التفاوض المباشر، إذ ما الذي يمكن أن يجنيه في ظل استمرار الاستيطان غير الشرعي على أراضي الدولة العتيدة، وكيف يمكنه التنازل عن حق العودة أو التعويض لأبناء شعبه المطرودين من وطنهم، ما الذي سيفاوض عليه ما دام في حكومة اليمين الصهيوني المتطرف من لا يزال يشكك في وجود الشعب الفلسطيني، ويتجاهل كل تاريخ المنطقة باستثناء سنوات عابرة استوطن فيها اليهود أرض فلسطين. الأردن المؤمن بالسلام، والعامل على سيادته، يعيد التأكيد يومياً أن استمرار الاستيطان، بكل صوره وأشكاله مرفوض وباطل، وهو يسعى على كل المستويات للتوصل إلى حل للمعضلة الفلسطينية، والولايات المتحدة التي ترعى حالياً العملية السياسية المتعثرة، ومعها المجتمع الدولي، تعتبر أن حل الدولتين والذي لا يمكن الوصول إليه مع استمرار الاستيطان هو الوحيد الممكن، والفلسطينيون قدموا من التنازلات أكثر من اللازم، والعرب قدموا مبادرتهم التاريخية لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، وسوريا مستعدة لاستئناف التفاوض برعاية تركية، ومع كل هذا فان نتنياهو يؤكد عدم استطاعته تمديد تجميد الاستيطان، وليس وقفه نهائياً، خوفاً من انفراط عقد حكومته، فعلى ماذا سيفاوض عباس إذاً؟. الفرصة سانحة اليوم لإحلال السلام كما يعلن رئيس السلطة الفلسطينية، وهو يؤكد أنه إذا لم يحصل تقدم عاجل، فان النتيجة ستكون ازدياد اليأس وتقوية العناصر المتطرفة، وإذا كانت حكومة نتنياهو ومعها بعض هواة السياسة العرب، وثورجيي المقاهي، يأملون حل السلطة الفلسطينية، وهي بكل المقاييس مكسب للشعب الفلسطيني، فان عليهم أن يطمئنوا لان هذا الخيار غير وارد، كما أن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية غير وارد، والممكن اليوم هو الكشف عن استعداد السلطة للإعلان عن انتهاء الصراع مع إسرائيل، عند التوصل إلى تسوية سلمية بين الجانبين.يستطيع نتنياهو ومعه ليبرمان وجميع الطاقم المتطرف في حكومته، عرقلة عملية التفاوض الرامية في خواتيمها إلى قيام الدولة الفلسطينية، وهو بذلك يضمن البقاء على رأس الحكومة مع ما في ذلك من مكاسب شخصية، لكنه بذلك يقدم خدمة مجانية للمتطرفين، ويخاطر بمستقبل أبناء شعبه، ويغامر باعتبار أن قوة دولته قادرة على مجابهة الفلسطينيين والعرب، ويتجاهل أن موازين القوة غير مستقرة، وهي قابلة للتغيير والتبديل، ويتجاهل أو يجهل أن اليأس سيدفع المنطقة برمتها إلى أتون معركة كبرى، ستكون إسرائيل الخاسر الأكبر فيها، حتى لو استمر رئيساً لحكومتها طوال عمره.مرة أخرى لابد من التأكيد أن التفاوض بحد ذاته ليس هدفاً للفلسطينيين، الذين يذهبون إليه على أمل تحقيق طموحهم في إقامة دولتهم المستقلة، ولكنه يبدو هدفاً لحكومة نتنياهو المتهرب من استحقاق السلام والراغب بالحفاظ على تشكيلة حكومته بأي ثمن، والراغب بإقناع العالم بما هو غير متوفر عنده وهو الإيمان بالسلام كخيار ستراتيجي يستحق الكثير من التضحيات، ومرة أخرى لابد لنتنياهو من أن يفهم أن كل لحظة تضيع بدون التوصل للسلام ستقرب المنطقة من لحظة انفجار يتسيد فيها المتطرفون المشهد، وعندها لن ينفع الندم.
التطرّف القادم
نشر في: 23 أكتوبر, 2010: 06:17 م