TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > زورخانة البرلمان

زورخانة البرلمان

نشر في: 1 ديسمبر, 2012: 08:00 م

شجار ينهي جلسة البرلمان ،  بهذا العنوان وبغيره تناولت وسائل إعلام عربية ما جرى في مجلس النواب العراقي الخميس الماضي ،  وبعيدا عما يحمل العنوان من شماتة،  فانه يعكس الواقع الحقيقي للمشهد السياسي بما يحمل من تناقض واضطراب ، وتدهور ، ومن يحاول أن يقلل من أهمية ذلك ، ويعد الأمر طبيعيا كما يحصل في كل برلمانات دول العالم ، يتجاهل الفرق الشاسع بين الديمقراطية في الغرب  ونسختها العراقية ، ومن المتوقع في الأيام المقبلة أن يتحول المجلس إلى حلبة مصارعة من نوع الزورخانة ، والقوي يأكل الضعيف ، وإذا كان الشجار يقتصر على الأعضاء ،فالأمر مقبول، ولكن ما يخشاه العراقيون أن تمتد المشاجرة ، إلى  عضوات الكتل النيابية فيحصل "الكفش"  وجر الشعر و"التخرمش" ،  ومثل  هذه المشاهد قد تصل إلى المواقع الالكترونية ، من خلال تصويرها بهواتف  بعض الأعضاء.
من الضروري جدا أن تلتفت رئاسة المجلس  إلى معالجة احتمال تسريب مشاهد المصارعة النسوية المرتقبة بمنع  النواب من إدخال هواتفهم ، وتجريدهم من الحزم خشية استخدامها في المشاجرات ، وتوقيع عقد مع شركة أمنية تكلف بمهمة مراقبة تحركات الأعضاء ، ورصد ردود أفعالهم أثناء قراءة بيانات تثير غضب هذه الكتلة ، وارتياح أخرى ، وفي حال تعذر الاستعانة بخدمات شركة أمنية أجنبية ، لابد من تقديم كتاب عاجل إلى وزارة الداخلية لاستقدام فصيل أو أكثر من شرطة مكافحة الشغب لتكون في قاعة البرلمان أثناء انعقاد الجلسات  ، ومديرية شرطة مكافحة الشغب لم تمارس أي نشاط منذ شهر شباط من العام الماضي ، فالعراق لم يشهد تظاهرات تطالب بإسقاط أو إصلاح النظام ، ومكافحو الشغب ،  خضعوا لاستراحة جبرية  طويلة ، وهم اليوم بأمس الحاجة للتخلص من الاسترخاء والخدر ،   ليتولوا حماية حلبة البرلمان خشية اتساعها وامتدادها نحو المنطقة الخضراء  ، لان الأجواء الحالية بما تشهده من توتر واحتدام  وتراجع واضح في استقرار الأوضاع الأمنية قد تشعل فتيل كارثة  محتملة ، خصوصا أن القادة السياسيين فشلوا ومنذ عام كامل في الاتفاق على تحديد موعد لاجتماع أو مؤتمر لتسوية خلافاتهم ، فيما أخذت التصريحات طابع التصعيد وتبادل الاتهامات ، وكل طرف يدعي انه يدافع عن المصالح الوطنية ، وتلبية مطالب الشعب "المسطور "  نتيجة الضربات المتلاحقة على يافوخه من الأداء السياسي.
  منتصف عقد التسعينات التقى رئيس المجلس الوطني الأسبق سعدون حمادي عددا من  مندوبي الصحف المحلية وقتذاك ، واخبرهم انه حصل على موافقة القيادة بنشر صور أعضاء المجلس النائمين أثناء انعقاد الجلسة ، ووسط ذهول ودهشة  المندوبين ،  من نشر صورة العضو النائم  ، قام احدهم بتسريب ما ذكره حمادي لأحد الأعضاء ، وفشل  مصورو الصحف  في الحصول على لقطة لعضو نائم ، وبذلك حققت رسالة رئيس المجلس أهدافها ،وبغض النظر عن الفارق الشاسع بين المجلس السابق، والبرلمان العراقي الحالي ،  لأسباب كثيرة معروفة، حيث لا يمكن المقارنة بين الاثنين ،  تعطي حلبة مصارعة البرلمان اليوم صورة مشوهة للنسخة  الديمقراطية العراقية ، ويتحمل هذه المسؤولية من يصر  على أن يضع "بوكس الحديد" في جيبه ، أو من يرتدي حزام جلد التمساح  ليستخدمه وقت الحاجة ،  والمقصود هنا أعضاء برلمان دولة  إفريقية لا يمكن ذكر اسمها خشية اندلاع  مشكلة دبلوماسية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram