تشهد محافظة دهوك في هذه الأيام ظاهرة هي الأولى من نوعها على الصعيد الفني وهي ظاهرة كثرة افتتاح المعارض التشكيلية بالتتابع الأمر الذي يعكس حب هذه المدينة للفن وأهله .
الفنان التشكيلي رشيد علي مدير الفنون التشكيلية اوضح لصحيفة المدى انهم قد اتخذوا نهجا عمليا في مساعدة الفنانين التشكيليين وقال " نحن في مديريتنا نقوم بمد يد العون لكل الفنانين التشكيليين الكبار و المبتدئين ونفتح لهم معارض فنية سواء كانوا متواجدين في داخل محافظة دهوك او في محافظات عراقية اخرى وحتى الفنانون المتواجدون في الدول الأوربية أيضا فإننا نقوم بفتح معارض لهم عندنا ونؤمن لهم المصاريف اللازمة ".
وبين علي انهم يقومون بصرف كل ما يحتاج اليه الفنان التشكيلي من لوازم لفتح معرضه وقال " اننا بالاضافة الى منح مكافئة مالية للفنان فاننا نحاول نوفر له القاعة التي يفتح فيها معرضه و نصمم له دليلا خاصا بالمعرض و نجري له دعاية في وسائل الاعلام كما اننا نعطيه مصاريف المواد التي يستخدمها في انتاج لوحاته من الوان وما شابه".
وبين مدير الفنون التشكيلية في دهوك انهم خلال هذا العام 2012 قاموا بفتح نحو (25) معرضا تشكيليا في محافظة دهوك والأقضية التابعة لها مشيرا بالقول " وقد زدنا من فتح المعارض في الفترة الأخيرة لأن الميزانية وصلت الينا متأخرة  الأمر الذي جعلنا نفتح عددا كبيرا من المعرض خلال شهر تشرين الثاني وسيتم فتح عدد مماثل في شهر كانون الأول ايضا لفنانين من داخل دهوك وخارجها ".
الفنان التشكيلي العراقي يوسف زنكنة الذي حضر عددا من هذه المعارض التشكيلية أبدى اعجابه بمستوى هذه المعارض وقال " غالبية المعارض التي افتتحت في الفترة الأخيرة هي معارض نوعية وفيها اساليب معاصرة وحديثة واستخدم الفنانون فيها تقنيات جيدة والبعض منهم مثل معرض الفنان ستار علي على مستوى عال من الحرفية والجودة الفنية كما ان هنالك معارض لفنانين مبتدئين لهم تجارب محددة وبدائية ولكن يمكن عدهم بمثابة مشاريع فنية للمستقبل ".
لكن الفنان زنكنة اشار الى ان هنالك مشكلة تعاني منها حركة الفن التشكيلي في محافظة دهوك وهي مشكلة عدم وجود تذوق فني للفنون التشكيلية وقال " هنالك عدد كبير من الشخصيات داخل المجتمع يقومون ببناء قصور فارهة وبمبالغ طائلة لكن هؤلاء الناس يفتقرون الى الذوق الفني حيث لا تراه يميل الى شراء لوحة فنية معبرة او يزور معرضا فنيا طوال عمره لذا فانك تراه لا يميل الى تذوق الفن وهذا ما اثر على وضع الفنان التشكيلي في عموم العراق ودفعت به الى البحث عن عمل آخر يسترزق منه ويجعل الفن محصورا في زوايا ضيقة من حياته ".
وتابع الفنان يوسف زنكنة يقول " من المفروض ان تقوم مديرية الفنون التشكيلية في محافظة دهوك بمتابعة هذا الامر وايجاد حلول مناسبة لها وتحاول ان تقرب الفن التشكيلي من المجتمع بشكل اعمق وذلك من خلال وسائل الأعلام من جهة ومن خلال تنظيم الندوات التثقيفية وفتح المعارض التشكيلية  المتعددة وجذب اكبر عدد ممكن من الزوار اليها ".
الناقد التشكيلي الفنان سليمان علي أوضح ان فتح مثل هذه المعارض الفنية دليل على ان هنالك حركة جيدة للفن التشكيلي في محافظة دهوك وقال " نريد ان تقوم المديرية ايضا بالاهتمام بالنوعية اي نوعية هذه المعارض ولو اننا شهدنا معارض ذات مستويات عالية احتضنتها مدينة دهوك مثل معرض الفنان الكردي المغترب وليد ستي ومعرض الفنان العراق الدكتور سعدي عباس والفنان سيروان شاكر كما اننا شهدنا ايضا فتح معارض مشتركة جيدة ".
وبين سليمان ان هذه المعارض قد تضمنت اساليب فنية متطورة وقال " هنالك تقنيات عديدة استخدمها الفنانون في معارضهم واساليب مختلفة لكن غلب عليها طابع التعبيرية والرمزية كما لا حظنا وجود تجارب فنية حديثة جلبها الفنان معهم من الخارج متأثرين بالمدارس الأوربية هناك ".
من جهته ابدى الفنان التشكيلي سيروان شاكر مدير قسم الفنون التشكيلية في معهد الفنون الجميلة في دهوك ان " زيادة عدد المعارض الفنية هي دليل على نمو الحركة الفنية في دهوك وانتعاشها و هي مساهمة فعالة في تطوير الفن التشكيلي في المحافظة ونحن في معهد الفنون الجميلة نبذل ما بوسعنا من اجل رفد هذه الحركة بالطاقات الفنية الواعدة التي ستؤدي بالنهاية الى تطوير وتحسين المستوى الفني في المنطقة ".
وبخصوص معرضه التشكيلي يقول سيروان " في معرض الذي افتتحه في غاليري دهوك غيرت من اسلوبي القديم وابتكرت لنفسي أسلوبا جديدا يتلاءم مع الفلسفة التي أؤمن  بها وينسجم مع المدارس الفنية المعاصرة التي نحاول ان نبني عليها ما نطمح اليه من نظرة الى الأفق البعيد ".
وقد كان للعنصر النسوي دور بارز في حركة الفنون التشكيلية في محافظة دهوك وقد ظهرت فنانات عديدات في هذا المجال في دهوك ومنهن من شكلن مجاميع فنية مثل مجموعة البنات التشكيليات التي تترأسها التشكيلية هيفي بيل التي تقول " نحن مجموعة من الفنانات التشكيليات أردنا ان يكون لنا خصوصيتنا ونحن جميعا اعمارنا متقاربة لكننا لكل واحدة منا تجربتها الخاصة ونظرتها الى الواقع الذي تعيش فيه لذا فاننا نساهم ونريد ان نوصل رسالة الى المجتمع وهي ان هنالك طاقات نسوية كبيرة تتواجد لدينا ونحن فقط نحتاج الى من يدعمنا ".
 وبخصوص الصعوبات التي تواجههم تقول هيفي " لا توجد لدينا صعوبات مادية حيث اننا قمنا بافتتاح معرضنا في اكثر من منطقة لكننا مازلنا نعاني من مشاكل اجتماعية حيث ان هنالك عددا كبيرا من الفنانات التشكيليات مازلن قابعات في منازلهن وهن بحاجة ماسة الى دعم وتطوير لكن المجتمع والعائلة يقفان عائقا امام عملهن وعطائهن ".
التشكيلية رشا التي فتحت معرضا خاصا بها قالت " انني اعمل على معاناة المرأة وجعلت المرأة موضوعا لكل اعمالي ومعارضي لأنني احس ان هنالك غبنا و تقصيرا يلحق بالمرأة وحقوقها فهي بحاجة الى دعم كبير من قبل الجميع ".
وبخصوص لوحاتها التي تميزت بالجرأة تقول رشا " على المتلقي ان يتأمل في ما وراء اللوحة وما تحمله من معان كبيرة لا ان يقتصر على التركيز على ما يظهر امامه من أشكال وقد تعمدت ان ابرز مفاتن المرأة لأن المجتمع لا يرى من المرأة الا مفاتنها ويحاسبها على  ابراز تلك المفاتن وخاصة الرجل الذي لا يرى من المرأة الى جسدها مهملا عقلها وعاطفتها التي لولا وجود تلك العاطفة لفسدت الدنيا بما فيها ".
الفنانة هبة يونس من الفنانات اللواتي لهن دور بارز في حركة الفن التشكيلي النسوي في محافظة دهوك وقد افتتحت معرضها التشكيلي الخاص بدعم من نقابة فناني كردستان و أوضحت انها حاولت إدخال أساليب جديدة في عملها تختلف عما عرفت به في معارضها السابقة " استخدمت أسلوب الرسم على الخشب والزجاج وهذه تجربتي الأولى مع هذه الأساليب اما لوحاتي الزيتية فقد طغى عيها الطابع التعبيري وهو المعروف لدي".
وعن مضمون اعمالها تقول انها حاولت أن تضمن مضامين وقصصا عديدة في لوحاتها التعبيرية وأضافت " رغم تعدد الأساليب التي استخدمتها في المعرض الا انني حاولت ان احافظ على بصمتي الخاصة في كل اللوحات ".
وتضمن المعرض رسومات وبورتريهات لعدد من الفنانين في محافظة دهوك أوضحت هبة انها ارادت بهذه البورتريهات ان تكرم هؤلاء الفنانين الذين "كان لهم دورهم في الحركة الفنية على مستوى اقليم كردستان ".
وترى التشكيلية هبة يونس ان فتح المعارض الخاصة بالفنانات هو دعم وتشجيع لهن لمواصلة ممارسة فنهم " وهذا مهم بالنسبة لحافظة دهوك لأنها تساهم في تطوير المرأة نحو تقديم ما هو افضل لها". مدير غاليري دهوك الفنان سردار كيستي هو الآخر افتتح معرضا تشكيليا كانت المرأة محوره الرئيسي فيها بين انه  في هذا المعرض ركز على ابراز هموم المرأة والمشاكل التي تعانيها " واردت ان اجسد العنف الذي تتعرض اليه في حياتها وانني رسمت المرأة فقط وهي مهمومة وتحت المطر في لوحات اخرى لأن المطر يزيل عنها الهموم وقد اتخذت في لوحاتي اسلوب التعبيرية التجريدية واستخدمت الأكليريك بخلاف اعمالي السابقة التي كنت استخدم فيها الألوان الزيتية " وبين  كيستي انه قد وفق في اختياره لألوانه حيث اختار عددا قليلا من التونات اللونية ولم يخرج منها فاقترب  بهذه التجربة من عوالم التعبيرية .
وقد ظهرت مجاميع فنية عديدة في محافظة دهوك خلال الفترة الماضية مثل (جامعة الفن المعاصر) و(جماعة الستة) و (جماعة الفتيات التشكيليات) وقد انتجت هذه الجماعات معارض فنية عديدة منها المعرض الذي افتتحته جماعة الستة الفنان بيار برواري الذي شارك في هذا المعرض قال " نحن ستة فنانين تشكيليين لدينا رؤانا الخاصة بنا ونريد ان نوصل رسالتنا التي تتضمن تطوير المجتمع و تنمية الواقع الذي نعيش فيه من خلال الأعمال العديدة التي نريد ان نتجاوز بها عن كل ما يحيط بنا من أخطاء مجتمعية وما يتصل بالانسان ".
هذا وقد شهدت محافظة دهوك خلال الفترة الأخيرة افتتاح معرض تشكيلي خاص في وسط سوق مدينة دهوك قامت بتنظيمه منظمة حقوق الإنسان خلال الحملة مناهضة العنف التي تشهدها مدن اقليم كردستان منذ 25 من تشرين الأول المنصرم  ويقول حمدي عبدالباقي من  منظمة حقوق الإنسان في دهوك " نحن نسعى من خلال الفتح هذا المعرض في وسط اسواق مدينة دهوك الى ابراز مظاهر العنف الذي تتعرض اليه المرأة في كافة المجالات وخاصة داخل الأسرة وهدفنا هو ان يشاهد هذا المعرض اكبر عدد ممكن من المواطنين كي يستفيدوا منها بشكل كبير وجيد ".