بغداد - متابعة المدىضمن منهاجه الثقافي الذي يواصل من خلاله بيت الشعر العراقي محاولاته في تقديم الشعر في فضاء مفتوح وبين جمهور ينصت للقصيدة ويتأملها ، أقام مؤخرا، وعلى شاطىء دجلة في شارع المتنبي ببغداد، أصبوحته( مصارحة الماء)، والتي شارك فيها الناقدان صادق ناصر الصكر وحسن السلمان والشاعران طالب عبدالعزيز وزعيم النصار.
وفي تقديمه للأصبوحة الذي تفاعل معه الحضور ، قال الشاعر والإعلامي جمعة الحلفي :" كيف سنقرأ الشعر وبابل ترتدي الشادور وترفض سماع الموسيقى؟ / كيف سنقرأ الشعر وقد أغلقوا حانة أنكيدو؟/ كيف سنقرأ الشعر وسركون بولص غائب عن الأمسية/ كيف سنقرأ الشعر والعراق برمته مسجى على طاولة المشهد الوطني؟/أعقب ذلك قراءة الناقد صادق ناصر الصكر لورقة نقدية عن تجربة الشاعر طالب عبدالعزيز، ورد فيها :"سنقترح ترسيمة نقدية في رصد تحولات الكتابة الشعرية لدى الشاعر طالب عبدالعزيز في مجموعتيه (تأريخ الأسى) و(ما لايفضحه السراج)... أجمل ما في مجموعته الاولى انها كانت على طريقتها الخاصة وفي حدود امكانياتها، قد استنفرت بكل قواها كي تتشبع بدلالات الإستبصار الثقافي المذهل الذي أرسله ريلكه ذات يوم في حديثه عن الطاقة العميقة لتنظيم التجربة".تلتها ورقة ثانية للناقد حسن السلمان، طرحت مقاربات نقدية لتجربة الشاعر زعيم النصار ومجموعته حارس العميان، وذكر السلمان في جزء منها :" ( لغة الشعر ـ هنا ـ تجترح عالمها المكتفي ذاتياً ، فلا تحيل إلى الخارج ، لان المعنى هو نسيج القول الشعريّ ، لانسيج الواقع الخارجيّ ) . إذ تتميز نصوص حارس العميان إجماليّاً ، باللغة العالية والصور الأخاذة والمتعة البالغة والجمال الباذخ والقدرة على توليد التوتر كما تتميز بالحرفنة والصنعة المحكمة". ليأتي دور الشاعرين المحتفى بهما في التعقيب على ما طُرح في الأوراق النقدية، لتحقيق هذه الحوارية النقدية التي أراد لها منظمو الجلسة من بيت الشعر أن تتحقق، ومن ثم تبدأ القراءات الشعرية مع الشاعر القادم من (أبو الخصيب)، ليقرأ طالب عبدالعزيز أربع قصائد هي 🙁 في شُرفةِ قَصْرِ السَّراجي)،و( أغنية الذين على النهر)، و(صورة العائلة)، و( في حمّام قلاطا سراي)، وفي مقطع من قصيدته (صورة العائلة ): "جدّي لأمّي وبحَّارُه ُ العُمانيّ /هما مَنْ تزِّينُ صورتهُما/ دارةَ الضّيوفِ ،بمنزلنِا على النَّهر/أمَّا الّذي يقِفُ في الظِّلِ/ يجاهدُ ألا يبدوَ واحِدا ً على الماء ،/ يُومِئُ للفواخِتِ والسَّنادينِ/ فهوَ أنا ../قبلَ مائةِ عامٍ/ مقلِّداً حركةَ يدِ أبي الرّاعِشةِ/ يدُهُ التي رَمتِ الكثير َ منَ الشِّباكِ/ قبلَ أنْ تنغَلِقَ على صَدْرهِ/الّذي يضِيقُ اليومْ . "لتكون القراءات الشعرية مع زعيم النصار وقصيدتيه ( سفرة الصقر العجيبة) و(بركة حمراء في قصر أسود )، وجاء في قصيدته الثانية : "هنا خوف وصمتٌ، بركة الدم التي وصفها الشعراء في القصر الأسود، شكلّتْ غيوم البلاد. /دخلوا أعمى يقود أعمى. /في البركة سبعة قوارب تطفو، في كل قارب سعف نخيل يحترق، وأرملة تنوح، ورق اصفر، قمصان وأقلام رصاص، عيون أطفال في الظلمة تدمع. حليب يخط علاماته على السواد، لفائف من الشاش، جدائل مقصوصة. بدأ الشعراء، وهو بعينيه الحجريتين لم يبصر سيفاً يتدلى على الجدار، والنياشين تلمع".وقال الشاعر زعيم النصار لـ "المدى": واضح من خلال الفعاليات التي ينظمها بيت الشعر العراقي، انه يحاول خلق مساحات جديدة من التأمل لدى جمهور الشعر وحوارات أكثر عمقاً بين النقاد والشعراء، وهذا ما حدث في أصبوحته الأخيرة التي كان فيها اختيار هذا الإسم (مصارحة الماء)مناسباً جدا لأجواء الأصبوحة وطرحها الواضح والصريح الذي يخلو من المجاملات والمجانيات".
مصارحة الماء..نقـّاد يحاورون الشعراء فـي أصبوحة لبيت الشعر العراقيّ
نشر في: 25 أكتوبر, 2010: 05:18 م