TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العولمـة والأفكـار المعاصـرة لحقوق الإنسان

العولمـة والأفكـار المعاصـرة لحقوق الإنسان

نشر في: 25 أكتوبر, 2010: 05:32 م

عبد المجيد حسن شياعفي عام 2002 أصدرت جامعة أكسفورد كتابا بعنوان مستقبل حقوق الإنسان  للعالم أبندرا باكسي ،وقد وجد له صدى واسعاً وقوياً في الأوساط المهتمة بمشكلة حقوق الإنسان وما تتعرض له  في الوقت الحاضر من انتهاكات وتحديات وتجاوزات في كثير من دول العالم ،على الرغم من الادعاء بالالتزام بتطبيقاتها والانصياع لمبادئها ،
 والتي حددها وقررها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام  1948 ،مثلما وجد الصدى نفسه للعلماء المهتمين بالدراسات المستقبلية وبمستقبل المجتمع الإنساني بشكل عام ،وما سيكون عليه الوضع إزاء التغييرات الهائلة التي يمر بها العالم ،والمستجدات التي لم تخطر على بالنا في يوم من الأيام ،حتى سنوات قليلة مضت وتأثيرها على  تلك الحقوق ،ومدى ملاءمتها للأوضاع الجديدة .وقد أبدى العالم  باكسي  وهوعالم هندي وعمل في عدد من أكبر جامعات العالم ،في ذلك الكتاب القيم ملاحظة مهمة عندما أوضح أن ظاهرة حقوق الأنسان تعاني  الثنائية الغريبة  ،وخاصة في السنوات الأخيرة ،حيث يبدو من كثرة ما يكتب عنها وما يقال من مدح لمبادئها ،أنها تلقى ترحيبا وقبولا عاما من كل دول العالم من دون استثناء ،باعتبارها التزامات أخلاقية وليست فقط مبادئ سياسية أوأجتماعية أوقانونية ،وعلى الجانب الآخر وفي نفس الوقت تواجه كثيراً من التحديات الصارخة والاستخفاف والاستهانة بها ،لدرجة بدأت على السطح بعض الآراء التي لم تنكر وجود تلك الحقوق ، وترى أنها مجرد كذبة ، وخاصة أنه لا  تكاد توجد نظرية واضحة ومقنعة تبرّر وجود هذه  الحقوق أصلا ، والدليل على ذلك أن مصطلح  حقوق الأنسان  يؤخذ حاليا بعدة معان وينظر إليه من زوايا وأبعاد مختلفة وفي شتى الدول ،على أنه يمكن التغاضي عن بعض الحقوق والتي تعطيها دول أخرى أهمية أو أولوية خاصة ،وهذا الاختلاف في النظرة قد يؤدي في المستقبل الى إسقاط بعض تلك الحقوق المقبولة الآن واعتبارها ذكرى من الماضي فقط ،ونوعاً من المخلفات الثقافية والاجتماعية التي تخطاها الزمن ،لذلك تحوم الآن بعض الشكوك حول معنى هذه الحقوق في زمن تسوده أفكار ما بعد الحداثة ،والتي تشكك في كل شيء ، ومن ذلك بعض الجهود لإحياء مبادئ  النسبية الثقافية  والتي تتعارض مع أفكار العولمة الآن .ويدين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الآن كل أشكال التمييز والتحيز بين البشر وما قد ينشأ عنه في التعامل من أضرار نفسية أو معنوية وشعور بالمهانة ،لذلك تحرص فلسفة ذلك الإعلان على ضرورة القضاء على كل أشكال معاناة البشر في عالمنا المعاصر والذي يوصف بأنه عالم ما بعد الإنسانية  ،والكشف عن مظاهر وأسباب تلك المعاناة والتخفيف من وطأتها والتنديد بما يسمى بـ  سياسة القسوة  ،والتي يبدو أنها أصبحت السمة المميزة والمهمة للعلاقات بين الناس وبين الدول ،وكذلك بين الدولة والمواطن على حد سواء ،ولم تفلح تلك المبادئ السامية في ان تقضي على كل صور المعاناة ،كما لم تفلح في إقرار العدل تماما حتى في المجتمعات الديمقراطية المتقدمة ،فعلى الرغم من أن ذلك الإعلان هو أكثر الوثائق الدولية قبولا وانتشارا بالمبادئ الرفيعة والسامية ،فإنه في نفس الوقت أكثرها عرضة للتجاهل ،وخاصة في السنوات الأخيرة التي شهدت مقتل ملايين البشر في كثير من أنحاء العالم نتيجة للحروب والمذابح الجماعية التي ترتكب باسم الدفاع عن حق الإنسان في الوجود والحياة ،وبدعوى ضمان وتحقيق كرامة الفرد والجماعة ضد جميع التعديات والإجراءات غير المشروعة وغير المبررة التي ترتكبها الدولة ضد المواطنين .لقد اتسعت قاعدة حقوق الإنسان خلال العقود الأخيرة نتيجة لتعقد الحياة الاجتماعية وتشعب الروابط الثقافية وتشابك العلاقات السياسية وتعارض المصالح الاقتصادية على مستوى العالم ،وكذلك زيادة التحركات السكانية وسقوط الحواجز الجغرافية والحدود الدولية الى حد كبير ،والتجاء الدول إلى فرض قيود شديدة واتخاذ إجراءات صارمة للحد من هذه التحركات ،أو على الأقل تنظيمها للمحافظة على الكيان السياسي للدولة وعلى الهوية الثقافية للمجتمع ،وكثيرا ما تؤدي نعرات التعصب وعدم التسامح في المجتمعات متعددة الثقافات والأعراق الى تكتل وتآزر جميع التكوينات العرقية المستضعفة والمهمشة لمواجهة سياسات التمييز وتحدي الإجراءات التعسفية والأوضاع الاستبدادية التي تغتال حقوق الأنسان ،وقد يصل الأمر بهذه القوى المضادة الى إعلان التمرد والالتجاء الى العنف والدعوة إلى الاستغلال الذاتي والمطالبة بالحقوق في تقرير المصير ،ومع أن معظم هذه النزعات المتمردة تفشل في تحقيق أهدافها ،بل وقد تؤدي على العكس من ذلك الى قيام نظام أسوأ بكثيرمن النظام المرفوض والسيئ ، بدلا من أن تعثر على البديل الملائم لها ،فإنها تنبه الأذهان الى ضرورة مراعاة حقوق الإنسان كشرط أساسي لتخليص المجتمع الإنساني من كثير من الاختناقات تعانيها البشرية في وقتنا الحالي ،ومع ذلك لا تزال الاعتداءات الصارخة على حقوق الأنسان مستمرة وقائمة ،بل ويتسع نطاقها وأشكال ممارستها حتى في أشد الدول تقدماً وتمسكاً بالديمقراطية ،والتي لها سجل مشرف في مراعاة تلك الحقوق والد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram