صلاح نيازيبالضبط ليلة أمسوقفتُ أمام عشتار وفي صدري شتى التلفارتجفتْ أوّل الأمر، وراحت تلعب بضفيرتها
-هذه عادتُها في الإغراء وتُغمض عينيها، تتوقع قبلة-سرعان ما توحّش ضعفي المخذولاتخذ صيغة حيوانٍ جريحقلتُ لها وجهاً لوجه، ولمْ أطرفْ هذه المرّةفلتذهبي يا بغيّ إلى المعبد، وليضاجعْكِ كل راعٍما أنتِ إلاّ نعجة منذورة، وصوفكِ معثوثآلهتكِ زناة، وكهنتكِ فناطيس خنازيريبيعون المرأة بأوقية شعيرحين أغضب، يصفرّ وجهُها، ويحلو كالمهدأستحيل إلى طفل ونتشابق بحدّةنموع كالشمع على حوافي الشمعة ونلتهب...كان القمر مصقولاً وبياضه متخدراً وحولَهُ دارة وثيرةٌ دارتانمَنْ يزورك هذه الليلة أيّها القمر؟(1)جَسَدٌ ملفع يطفو على رؤوس الأشجار والمعابداختطفته غيمة بيضاء وحجبت الدارةمَنْ يزورك هذه الليلة يا قمر؟ هذه الليلةفي النهار تنفصل الموجوداتالشجرةُ شجرة والنهرُ نهر، والطريق طريق، لكلٍّ آسم وهوية، والجبل جبلإلاّ في الليل تتنافذ فيما بينها إلى ما لا نهايةحتى الجماد تعلو وتهبط فيه روحٌ غريبة فيتنفسندمتُ للمرّة العشرين، ليتني لمْ أرحلْالتفتّ التفاتة كاملة بكلّ ما في أمواج البحر من اندفاعكانت المدينة تطفو على رؤوس الأشجار تختفي قليلاً قليلاً وانقطع آخرُ أصواتِ العشاق والكلابrnلم أُصدّقْ عشتار أوّل الأمر، وسخن خدّاي...أيّ معبدٍ يا عشتار؟ قلتُ بصوتٍ مشروخ، ومَنْ نذركِ بغيّاً؟لا تكوني صورةً خلاعيةً في المحلاّتِ العامّةلا تكوني شمعةً بلا فتيللا تكوني مومياء تمارسُ الحياةَ بالموتلا تجعلي بستانكِ علفاً للثيرانِ الهائجةلا تجعلي حلمتكِ عقبَ سيجارةآلهتكِ زناةٌ، وكهنتكِ فناطيس خنازيريبيعون عذوقَكِ، ولو كانت إكسيراً، بأوقية شعيرجَسَدُكِ حقلي الذي زرعْتُهُ نبتةً نبتةً/هذه جغرافيتيأكلتُ منهُ أشهى الأطايب،وشربتُ منه ألذ ماء/ هذه عافيتيأعرف مواطن الندى والتأوّه، وأسرارُهُ مختلفة/ هذا كتابيرسمتُهُ بصفرة التعبّد وجرّستُهُ بالخفقان، وحرّكتُهُ بالأنفاس/ هذا معبديأغتربُ فيكِ آغتراباً أبديّاً، وبين أترابي ذاهلتأوهاتكِ ملء أذنيّأستعيدها فلا أقوى على الآنتظار، فآتيكِ بلا موعدنتحدّث كلماتٍ خاصة بين الأتراب فتحترّ وجوهُناrnنتلامسُ على بعد أمتار، وترتجفُ ملابسنانفتش عن التنفس بشق النفس.أيّ معبدٍ يا عشتاريا آبنةَ ملوك السماء والصواعق والفيضاناتمَنْ نذركِ بغياً؟ وجعلك باباً خلفياً مكسوراً "لا يصدّ الريحَ ولا العاصفة"(2)rnالصقر يتلقف حمامةً آيبةً مسرعةمخالبه في خاصرتيها وهي تنزفُ دماً في الجوّمطراً أحمرَ في الجوّ،غيمةٌ صغيرةٌ من لحم تنزف بأرقّ توسّلتتفادى الخطر بكلا جناحيْكَ وتقع في الفخ.كنتُ عائداً من
عشتار.. البغيّ المقدّسة*
نشر في: 26 أكتوبر, 2010: 05:43 م