إياد مهدي عباستنبهت الأنظمة الديكتاتورية في الماضي والحاضر إلى الدور المهم والخطير الذي يلعبه الإعلام في ترسيخ المفاهيم المختلفة وبناء شخصية الإنسان حيث قامت هذه الأنظمة بتسخير الإعلام لخدمة مصالحها واستخدامه
وسيلة لنشر الأفكار والمفاهيم التي تخدم سياساتها القمعية والتسلطية ومصادرة آراء الشعوب وتطلعاتها. وهذا ما حدث فعلاً في العراق حيث كان النظام يرفع شعار: إذا قال صدام قال العراق! وبعد سقوط الديكتاتورية وانهيار فيلقها الإعلامي أصبح العراق ساحة مكشوفة أمام وسائل الإعلام المختلفة.وحسب نظرية ملء الفراغ تحركت فيالق الإعلام المختلفة القريبة منا والبعيدة وانتشارها في العراق انتشار النار بالهشيم فتعالت الأصوات وتقاطعت الكلمات وعم الضجيج وامتلأت سماء الوطن بدخان الماكينة الإعلامية من دون رقيب ولا حسيب. فكان لها الأثر الكبير على حياة الإنسان العراقي المسكين الذي كان في يوم ما يبحث عن وسيلة واحدة من هذه الوسائل كي ينفس بها عن همومه وإيصال صوته إلى من يسمعه فلم يجد. وكان الكثير من هذه المؤسسات الإعلامية وبالأخص العربية منها هي من وقف موقف الضد من إيصال الصوت العراقي إلى المحافل الدولية طوال عقود من القهر والاضطهاد.لقد كان للإعلام الداخلي والخارجي دور كبير ومؤثر على مجمل ما يجري في العراق من أحداث منذ سقوط الصنم إلى يومنا هذا .والمتتبع للساحة العراقية يمكن أن يرصد وبشكل واضح دور وسائل الإعلام حتى ولو كان هذا الراصد غير إعلامي أو صحفي فقط أن يكون لدية إحساس وانتماء وطني حقيقي يجعله قادراً على أن يميز بين الإعلام الوطني الهادف والبنّاء وبين الإعلام الفئوي المضلل الذي يمثل أجندات خارجية ضيقة تخدم بعض الأنظمة التي لا تنظر للعراق الجديد بعين الرضا والقبول. حيث وقفت وسائلها الإعلامية ومنذ اليوم الأول موقف الضد من التجربة الديمقراطية في العراق فجندت كل ما تمتلك من طاقات وقدرات إعلامية ليسود كل ما يسيء للعملية السياسية و محولة إفشال هذه التجربة الجديدة مستغلة ضعف الوعي الإعلامي لدى البعض من أبناء شعبنا، علماً ان بعض هذه المؤسسات كانت وما زالت بوقاً من أبواق النظام المقبور تطبل وتزمر ليلاً ونهاراً القائد الضرورة حيث أصبحت ركناً من أركان فيلقه الإعلامي المشهور.فأغدق الأموال الطائلة عليها حتى امتلأت جيوبها بدولارات القائد الملهم و كونت لها أرصدة ضخمة في البنوك العالمية من كوبونات النفط الشهيرة. فتراها الآن تبحث في العراق الجديد عن إعلام الإثارة فتتواجد حيث يقع التفجير والقتل ومنظر الدم وتقوم بتغطية كل الأحداث المؤلمة. وبنفس الوقت نجد هذه الفضائيات والمؤسسات الإعلامية تتجاهل عن قصد كل ما هو ايجابي في العراق الجديد فتتعامى عن تغطية الانجازات العلمية والعمرانية والديمقراطية وحتى الانجازات التي تحققت على المستوى الإعلامي والصحفي حيث الكلمة الحرة البعيدة عن كل القيود والضغوط التي تقلل من مساحة حريتها. عكس ما يحدث في بعض الدول العربية التي لا تؤمن بالديمقراطية كمنهج سياسي واجتماعي حيث الكلمة الحرة فيها تكلف أحيانا مستقبل وحياة من يكتبها أو يقولها أو حتى من يقرأها كما كان يحدث في زمن الطاغية في العراق . وهناك الفضائيات المأجورة والحاقدة والتي تدعي الاستقلالية في منهجها وهي بعيده كل البعد عن منهج الاستقلالية، فهي لا تدخر جهداً في تأليب أبناء الشعب العراقي بعضهم ضد البعض الآخر وخلق حالة من الاحتراب الطائفي بين مكونات أبنائه، مدعومة للأسف بالمال العربي من قبل جهات معروفة بتوجهاتها الطائفية البغيضة لغرض إثارة الفتن في العراق محاولة منها لإنتاج أجيال تبقى رهينة الصراعات الطائفية وتعميق الهوة بين المسلمين مستغلة الظرف الذي يمر به البلد. والغريب في الأمر إن أول المنتفعين من هذه الحرية الإعلامية هي هذه المؤسسات التي لا تتوانى عن التشويه والتشكيك بكل منجز ايجابي وجديد يخدم الشعب العراق من دون أي رادع قانوني يردعها عن بث سمومها وأكاذيبها على أبناء شعبنا الجريح . علماً إن بعض هذه المؤسسات الإعلامية مدعومة من قبل دول لا تؤمن بالديمقراطية كمبدأ في الحياة السياسية ولا يوجد في قاموسها السياسي والاجتماعي شيء عن التداول السلمي للسلطة حيث الحكم في بعض هذه الدول قائم على مبدأ الوراثة والحاكم يعتبر خطاً أحمر لا يمكن المساس به فهو فوق الشبهات وان المساس به أو بأحد أفراد أسرته هو مساس بالثوابت الوطنية والقومية.ونرى من واجبنا كمتابعين لما يحدث في الساحة العراقية أن نسلط الضوء على الدور الإيجابي والوطني التي تتبناه بعض الفضائيات والمؤسسات الإعلامية في إظهار الحقائق والعمل بمهنية عالية ومصداقية كبيرة في نقل الحدث والخبر بدون تحريف وتشفّ هدفها هو تقديم الإعلام الحقيقي الذي يتخذ من شرف المهنة والإخلاص للوطن شعاراً في عملها كي تحول نشاطها الإعلامي إلى بلسم يداوي الجراح الذي سببه الإعلام المأجور. وملخص القول إن سمات
الإعـــــــلام ودوره فـــي العــــــــراق
نشر في: 27 أكتوبر, 2010: 05:24 م