TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الشرطة والضوضاء

الشرطة والضوضاء

نشر في: 2 ديسمبر, 2012: 08:00 م

إن للتقدم الصناعي والحضاري المعاصرين أثرهما في تفشي الضوضاء بما لها من آثار ضارة على الإنسان والحيوان وكل كائن حي ، وشكلت بذلك واحداً من أهم عناصر تلوث البيئة في مجتمعنا وبخاصة في المدن الكبيرة وحول التجمعات الصناعية والتجارية مما جعل آثارها لتشمل النواحي الفيزيولوجية والنفسية للإنسان والحيوان ويصيب ضررها أعداداً بوسائل علمية حديثة ، ويعبر عنها في وحدات تسمى - ديسيبيل - وتعتبر مؤذية لسمع البشر عندما تصل إلى 130 ديسيبيل . ومن هذا المنطلق يمكن اعتبارها في مقدمة المصادر ذات الأثر السيئ على استقرار وطمأنينة الجماهير وبالتالي تأتي مكافحتها في مقدمة المهام التي تقوم بها أجهزة الشرطة .

من الصعوبة بمكان وضع تعريف دقيق للضوضاء ولكن يمكن تعريفها : بأنها أصوات ليس لها صفات موسيقية ويمكن أن تؤذي الإنسان إذا ما وصلت إلى درجة معينة من القوة تجعلها ذات أثر سيئ على الجهاز السمعي والعصبي للإنسان والحيوان ، ويورد لنا الكاتب - بوتودوربيريلاند - إن الموجات الصوتية تتحطم على طبلة الأذن ، أو ترتبط على نحو تلاطم أمواج المحيط بالشاطئ ، فليس هنالك فرق في فراغ كما إن الصوت يحتاج إلى من يحمله وهو ما يعبر عنه بالتناقل الذي من الجائز أن يكون سبيكة من الحديد أو كمية من الماء حيث ينتقل الصوت به في صورة موجات سميت بالموجات الصوتية و في الحقيقة إن المعايير الإنسانية لوصول الأصوات الى مرحلة الضوضاء مسألة نسبية تختلف من شخص إلى آخر حسب طبيعة المخلوقات القاطنة بها .. وقد برز الكاتب الأسترالي ( لأنيل ) في كتابه عن الضوضاء تعريفاً لها : بأنها الصوت الذي يعد أو يعامل على أنه مزعج فليس من الضروري أن تتناسب درجة الإزعاج مع شدة الصوت ، ضارباً المثل بضوضاء السيارات المتسابقة بأنها قد تكون مستساغة لسائقها بيد أنها تسبب الجنون لمن يعيشون قرب ميدانها . ان الشرطة باعتبارها جهازاً ميدانياً يزاول أعماله محتكاً مباشرة بجماهير الشعب ، لها القدرة أكثر من غيرها من الأجهزة على التعرف الى مصادر الخطر الناجم عن الضوضاء ، وتقديم الاقتراحات الخاصة لوزارة العدل بإصدار التشريعات المناسبة للحد من هذه المصادر والقضاء عليها بتحريم الأفعال التي تؤدي إلى إليها . والسمة البارزة في التشريعات الحالية بمكافحة الضوضاء أنها تنص على عقوبات بسيطة على المخالفين لا تتناسب مع مقدار الضرر العائد من ارتكابها ، والذي بات واضحاً وملموساً من الجميع ، وكما إن على الشرطة واجب اقتراح التشريعات بصفة أساسية فأن عليها أيضاً إن تقترح تشديد العقوبات وتنويعها بالصورة التي تجعلها صالحة لتحقيق أهداف الحد من الضوضاء .. وتقوم الشرطة بعد ذلك بوضع خططها الرامية الى وضع  تشريعات مكافحة الضوضاء موضع التنفيذ عن طريق اختيار الأجهزة المتخصصة وتدريبها ومدها بالعنصر البشري الكفوء والإمكانات المادية لأداء مهامها بصورة فعالة وناجحة ،مع دفع الاهتمام بهذه المسؤوليات الجديدة لتحتل مكاناً متقدماً من مسؤوليات وواجبات أجهزة الشرطة المتعددة. والشرطة في تحركها للسيطرة على مصادر الضوضاء الحالية، والقضاء عليها يبرز واضحا في توقيف السيارات التي تصدر عن محركاتها أصوات عالية ومزعجة بسب عيوب مكانيكية فيها، كذلك منع استعمال آلات التنبيه (الهورن) من دون داعٍ وفي أماكن محددة ومصادرة بعض الأنواع منها التي تصدر أصواتاً مزعجة، ومنع السيارات التي تسير في صورة مواكب أو تجمعات إلا بعد الحصول على تصريح وموافقة سابقة بذلك ، ومنع استخدام مكبرات الصوت في الحفلات الخاصة أو للإعلان عن السلع أو الخدمات إلا بعد الحصول على تصريح مسبق تملك فيه الشرطة حق رفضه. ومنع تشغيل السيارات أثناء توقيفها بدون سبب مبرر أو بدون هدف على أجزاء من الطريق ذهاباً وإياباً بصورة تنجم عنها زيادة درجة الضوضاء. وجميع هذه المخالفات منصوص عليها في قانون المرور ويستطيع رجل الشرطة تنفيذها للحد من الضوضاء. . 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram