في مثل هذا اليوم من عام 1959 توفي المؤرخ العراقي الثبت يعقوب سركيس بعد حياة حافلة بالمكتشفات التاريخية الطريفة من تاريخنا في العهود المظلمة منذ العهد المغولي .
ولد يعقوب نعوم سركيس في أسرة أرمنية نابهة عام 1876 في ديار المنتفك ،إذ كان والده من معية شيوخ المنتفك من آل السعدون الذين أقطعوه لخدماته مقاطعات وأملاكاً كبيرة ، وتوفي وابنه يعقوب لم يزل في السابعة عشرة من عمره .فتعهد مع عمه لإدارة تلك الأملاك ، فاتصل بالعشائر وأهالي تلك المنطقة ، فعرف أحوالها وتاريخها ووثائقها ، وقد اعتنى منذ شبابه بجمع المخطوطات والوثائق ، وبذل الكثير في اقتنائها أو نسخها ، وقد استفاد منها عندما شرع بالكتابة التاريخية في موضوعات دقيقة وطريفة لم يلتفت لها المؤرخون التقليديون ، وبها أصبح من المؤرخين المحققين المتثبتين ، وكانت أول مقالة له قد كتبها بطلب من صديقه الأب أنستاس ماري الكرملي ونشرها في مجلته ( لغة العرب ) عام 1913 . ثم استمر في تدبيج المقالات والأبحاث والنبذ التاريخية والبلدانية في شتى الصحف والمجلات ، حتى رحيله .
كان يراعي الدقة ويتحرى التفصيل وتقديم الجديد والنادر من الفوائد التاريخية ، كما كان يصرف وقتا طويلا قبل تقديم نتائج بحوثه إلى القراء ، صيانة من الخطأ أو الإساءة . ومن الجميل أن ينهد بعد إلحاح شديد من أصدقائه إلى جمع قسم كبير من آثاره ومكتشفاته في كتاب كبير باسم ( مباحث عراقية ) صدر في جزءين في حياته ، وصدر الثالث بعد سنوات من رحيله