أوس عز الدين عباسأشار العالم بروس كارلتون الخبير في علم التطور إلى أن العطش إلى القوة والجنس والمزيد من امتلاكهما مرض ذكوري ، فالذكور هم الذين يشنون الحروب وهم الذين يتحاربون فيقتلون ويقتلون ، وهم الذين أنشأوا المؤسسة العسكرية ورسموا قدر المجتمع وخططوا نظام المجتمع على صورة الثكنة كما أشار الى ذلك غارودي في كتابه في سبيل ارتقاء المرأة ،
وهم الذين شوهوا التطور الانساني برمته برؤية العالم بعين حولاء ذكورية ، فلا يمكن أن يمشي المرء برجل واحدة إلا في الخيال ، ولا يمكن أن يرى بعين واحدة إلا إذا انعدمت الرؤية الفراغية ، أو تحول إلى كائن خرافي بعين واحدةوالمجتمع الذكوري هو الذي دفع المرأة الى ان تكون شريحة مستضعفة وهي كارثة كونية في كل الثقافات ، ففي الثقافة الصينية يعني الضمير المتكلم أنا المؤنث العبد ، وفي الثقافة الهندية تعتبر المرأة خاضعة الى الرجل من المهد الى اللحد وهي من أقدامه ، وفي اليابان لم يتقدم المجتمع إلا بإلغاء نظام الساموراي، وبالمقابل فان المرأة هي التي بدأت الثورة الزراعية فأطعمت عائلتها من جوع الجنس البشري الى الحضارة ، فلولا الثورة الزراعية ماتجاوز الجنس البشري مرحلة الصيد وجمع الثمار وما تخلص من خوف الموت جوعا وما نشأت المدن وازدحمت بالسكان وولدت الاختصاصات وتم تقسيم العمل كما قال في ذلك عالم الاجتماع دركهايم، كل ذلك ببركة يدي المرأة ، ولكن الذكر بنى الحرب والجيوش والطغيان ومازال ، وإذا كان الحاكم ينفخ في الصور فيقول للعباد أنا ربكم الأعلى فان الزوج في البيت يعلن أنه الأعلى لامعقب لحكمه وهوسريع الحساب ، والاستبداد السياسي والتجلي الأعظم لتراكمات أخطاء البيت ، والطغيان يتأسس من خلية العائلة ليظهر في النهاية على شكل تنين سياسي يقذف باللهب على عباد يرتعشون وجلا خاشعة أبصارهم من الذل. إن مصادرة الأمة على يد فرد وخلفه النخبة الحاكمة الخفية ، سبقتها مصادرة الزوجة والولد في بيت الطاغية الزوج الأب، فإذا أنتجت العائلة الإنسان الأخرس الخائف هيأت الجو الاجتماعي للخرس الجماعي وخشعت الأصوات للحاكم فلا تسمع إلا همساً، ولا يمكن للمجتمع ان ينهض بدون استعادة المرأة دورها الطبيعي ، فالمرأة هي التي تحمل الحياة وتنجب الحياة وتحافظ على الحياة (حملته أمه كرها ووضعته كرها)، وهي مصدر الحب فتخلع معنى على الحياة وتعطيها دفقة في الاستمرار ، ومع انطفاء الحب ينطفئ معنى الحياة ومبرر وجودها ، والحرب كراهية وارتداد على الذات ونفي للآخر ، وحسب دانييل جولمان صاحب كتاب الذكاء العاطفي، فإن جوزيف لو دو الذي اكتشف دورة المخ العاطفية ، أظهر أمرين : ان هناك ضربآ من الذكاء لم ننتبه له حتى الآن، كما أن المرأة بواسطة تركيب دماغها تشريحيا تتفوق على الرجل في هذا النوع من الذكاء ، والمرأة موديل متطور عن الرجل بحيث تحمل إمكانية أن يتطور الجنس البشري على نحو إنساني أفضل زكاة وأقرب رحما ، لذلك كان الاستنساخ الجسدي من الأنثى كما حدث مع دوللي فمنها خلق وإليها يعود ومنها يخرج تارة أخرى ، وتفاءلت إحدى السيدات بولادة المجتمع النسائي الانساني بحيث يمكن الاستغناء عن الذكور المخربين نهائيا للمستقبل أواستبدالهم بجنس آخر ، وهي صاحبة مجلة لا نريد بورنو وهو عنوان مثير لكنها تلاعبت بحركة ذكية بالكلمة بورنو التي تعني الإباحية وحينما قسمت الكلمة الى شقين انقلب المعنى ، ويذهب العالم بيتر فارب في كتابه بنو الإنسان : أن الذكر لا يختلف عن الأنثى إلا بعضلاته وقسوته وجحوده ، في الوقت الذي تتفوق المرأة بالرحمة والحب والوفاء ، فإذا ماتت عن الرجل زوجته فكروا له بالعروس ولما تدفن الزوجة بعد وزوجوه في أيام ، وإذا مات عن المرأة زوجها حفظت زوجها واعتنت بالأولاد وعاشت مدبرة وهي خصلة للغالبية الساحقة من النساء قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ، وإذا عجزت المرأة رماها الى بيت أهلها ، وإذا وقع سدت عيبه وسترت عورته ورفعت من تحته قاذوراته حتى الممات ، وينتهي بيتر فارب إلى مفارقة عجيبة وهي أن الجنس الأنثوي هوالذي يجب أن يسود لأنه: الجنس الأطول عمرا والأكثر صحة والأقل عرضة للحوادث والمساوئ للذكر في الذكاء، ، ولكن الذي حدث هو العكس ، إذ لا تتزوج المرأة رجلين في الوقت الذي يعدد الرجل ولو في الكلام والأماني بين المزاح والجد ، وإذا جاءت الفرصة لم يقصر لأنه الفحل الذي لا يسأل عما يفعل وهم ُيسألون، وعن الخطيئة الجنسية تقتل الفتاة ويكافأ الرجل في مجتمع يقوم على معايير الفحولة أكثر من العدالة ، مع أن القرآن الكريم وضح حدود الزنا بالتساوي للجنسين ولكن الثقافة عندها قدرة على أن تبني مفاهيم خاصة لها وتفرض على الواقع شريعة جديدة تلتوي لها الأعناق بدون وحي، ومع كل عضلات الرجل فإن المرأة بنعومتها تتحمل أضعاف ما يتحمله الرجل من الألم بدون بطولة، ويظهر هذا واضحا في العمليات الجراحية ، ومع كل عضلات الرجل فإن المرأة تعمر أكثر منه كما تظهر الإحصائيات ، والمرأة أكثر حكمة من الرجل بانف
المجتمع الذكوري المتسلط وعطشه إلى القوة والجنس
نشر في: 29 أكتوبر, 2010: 05:27 م