TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > منشآت الثقافة الشكلية

منشآت الثقافة الشكلية

نشر في: 2 ديسمبر, 2012: 08:00 م

نتفق على أن الثقافة تحتاج إلى بنية مادية تحايث بنيتها الفكرية وأنشطتها المتنوعة لكي يتحول الفعل الثقافي إلى منتج فكري يصب في صالح الوعي العام، أو الوعي المجتمعي، ونعني بالبنية المادية مجموعة المنشآت والبنيات المتنوعة التي تحتضن النشاطات الثقافية الكثيرة والمتعددة، وهي نشاطات لا تقتصر على الندوات أو المهرجانات أو المحافل الثقافية، بقدر ما تهدف إلى استيعاب طاقات الشباب ثم غيرهم من الفئات العمرية الأخرى، لضمان عدم انحراف الطاقة الشبابية نحو مسارات مدمرة للمجتمع.

ولكي ندخل في لب الموضوع نقول إن وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة ودوائر وجهات أخرى معنية بالثقافة والشباب، دأبت منذ سنوات على إنشاء العديد من البنايات والقصور الكبيرة، الهدف المعلن أنها منشآت لاستيعاب الأفعال والأنشطة الثقافية والرياضية الشبابية وغيرها، لكن ما أن يتم إنجاز البناية حتى يتم ختم بوابتها الرئيسة بالختم الأحمر ويُقرأ عليها السلام، وكأنها بُنيت وصُرفت عليها الملايين والمليارات من أجل إمتاع النظر لا أكثر.

هذه البنايات الكثيرة التي انتشرت في معظم محافظات البلاد، رُكنت جانبا ولم تتم الاستفادة منها، ولا نعرف من يقف وراء هذا التعطيل؟؟ ولماذا، ولعل الإهمال الذي يطأ هذه البنيات يتوضح أكثر عندما نتأكد من افتقادها الخدمات، كالماء والكهرباء وسواهما، ويبدو أن هذا الأمر مقصود مسبقا حتى لا يستفيد منها أحد أو جهة للقيام بالفعل الثقافي أو سواه من الأنشطة الشبابية.

والمشكلة الأكبر أننا لا نعرف من يقف وراء هذا التعطيل مع سبق الإصرار لبنايات تم تشييدها من أموال الشعب بمليارات الدنانير، ولا نعرف أيضا لماذا التعطيل أساسا؟ ثم ما الضير من فتحها للجهات والمنظمات الأهلية والمهنية والحكومية التي تستفيد منها في نشر الوعي والثقافة، فضلا عن استيعاب طاقات ومواهب واعدة شبابية وسواها، بدلا من الانزلاق المؤكد نحو الانحراف، لذا بعد طرح هذه التساؤلات وربما هناك سواها الكثير، لابد أن يتحرك المسؤولون نحو فتح هذه المنشآت لاستيعاب الأنشطة الثقافية والشبابية المختلفة.

وعلى الجهات الحكومية المعنية أن تتحرك بقوة وسرعة ومسؤولية لاستثمار هذه المنشآت التي تم بناؤها بأموال الشعب، ولا يصح تجميد هذه الأموال الكبيرة بعد أن تم إنجاز البنايات، لاسيما أن معظم المنظمات والمؤسسات الثقافية الأهلية والحكومية، تفتقر للمكان الملائم لها لكي تؤدي الأنشطة الثقافية وسوها في أمكنة تليق بها، مثل القاعات الكبيرة والمسارح وساحات ممارسة الرياضات المختلفة، بالإضافة إلى إيجاد مقرات للمنظمات التي تفتقدها ،وهنا كثير من المنظمات تظهر وتندثر أو تبقى تراوح في أماكنها من حيث الفعل الثقافي أو سواه، بسبب افتقارها للمكان أو المقر الذي تدير من خلاله أنشطتها المختلفة.

لذا فإن التنبّه إلى هذه النقطة أساسي ومهم وهو يدخل في باب الشعور بالمسؤولية إزاء المجتمع، فمن غير المعقول أن تصرف الأموال الطائلة ويتم إنشاء البنايات الكبيرة، وبعد أن يتم إنجازها يتم إغلاقها وتعطيلها عن الغرض من بنائها تماما، وإذا كانت هناك إجراءات قانونية تتعلق بطبيعة العلاقة بين الحكومات المركزية والمحلية، وحدود الصلاحيات للوزارات وسواها، فإن من حق الحكومات المحلية أن تتصرف بهذه البنايات كونها تقع ضمن حدودها وسلطتها، وهذه البنايات لا تعود لوزارة سيادية ،كالكهرباء والنفط والدفاع وما شابه، لذا ندعو الحكومات المحلية إلى التحرك الفوري لتوصيل الخدمات  إلى هذه المنشآت والاستفادة منها في تفعيل الثقافة والرياضة، وكل ما يتعلق باستثمار طاقات الشباب.

وفي حالة اعتراض وزارة ما، أو جهة حكومية معينة، على استثمار هذه البنيات، فإن المحافظة المعنية عليها أن تبادر إلى استثمارها، من خلال اتباع طرق قانونية ،مثل مفاتحة الحكومة الاتحادية أو الجهات التشريعية المختصة في البرلمان لغرض إصدار التوصيات والقرارات التي تطلق سراح هذه البنايات وتنقلها من حالة الجمود إلى حال الفعل والعمل المنتج.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram