فقط سبعمائة وثمان وستون مليون دولار تدفع سنوياً كرواتب لـ( 128 ألف عنصر أمني لحماية المسؤولين) في عموم البلاد موزعين بواقع (30 عنصرا لحماية وزير) وعشرين لوكيل الوزير وثمانية لحماية المستشارين وخمسة لحماية موظف بدرجة مدير عام، ومثل هذا العدد لعضو مجلس المحافظة، وهذا طبعاً مع حماية البرلمانين الذين يتمتعون بامتيازات وزير. وراتب كل عنصر خمسمائة دولار هذا ما جاء في تحقيق أعدته الزميلة العزيزة إيناس طارق في 22/11. وفي حسبة بسيطة بضرب 128 × 500 × 12 = 768 مليون دولار سنوياً ، هذه ميزانية الحمايات الشخصية. لا نريد هنا الانتقاص من أهمية الموضوع ولكن على الأقل ننسجم مع ما تقوله الحكومة من أن الأمن الآن أكيد أفضل في فترة تشريع هذه الميزانية والمخصصات عندما كان كل عراقي يقول لجارة تصبح على خير الساعة الرابعة عصراً. وكذلك تقول انخفض الإرهاب 50% ولكن لم تواكبه الميزانية وتنخفض بنفس النسبة الى ونتيجة انخفاض الإرهاب ظهر قانون الاستثمار الذي لا يقوم مع الإرهاب ، وفي ضوء ذلك بدأت ممثلة الأمم المتحدة (اليونيسيف) تتحدث عن الطفولة في العراق وكيفية النهوض بها وظهور إحصائياتها الصادمة كما وردت في صحف يوم الخميس 22/11/2012، تبين لدينا ( 3 ر5 مليون طفل) محرومون من الحقوق الأساسية (صحة تعليم عنف أسري). وهناك الكثير من الشواهد على مشكلة الفئات الهشة في المجتمع من الأرامل والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة كانت مثار اهتمام الميزانية الخمسية القادمة ( 2013 ـ 2017 ) فمثلاً ظهرت أرقام متواضعة جداً للمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية حتى منتصف عام ( 2012 ) بلغ عددهم ( 363316 ) مستفيداً في شعب تبلغ نسبة الفقر فيه 23%، ومجموع ما صرف عليهم هؤلاء كما هي في عام ( 2011 ) ( 644 ر 462 مليون دينار) كما جاء في إحصائيات وزارة التخطيط.
ومن خلال مقارنة بسيطة يظهر أن ما يصرف للحمايات الشخصية هو ضعف ما يصرف على شبكة الحماية الاجتماعية حيث أن المشمولين حسب قانونها مؤكد أنهم أقل من العدد الفعلي كما أن الراتب المخصص لهم يعادل سدس راتب أي فرد في الحماية ويعادل ربع الراتب التقاعد الذي سيقرر كحد أدنى للعام القادم حسب المواعيد والبالغ ( 400 ألف دينار ) فأقل ما يقال انه تفاوت ضمن التفاوت في الشريحة الأدنى.
ولكي لا نبخس الناس حقوقهم هناك من يقول أين يذهب ( 281 ألف عنصر أمني) نصفهم على الأقل كمرحلة أولى لا ندعو لتسريحهم بقدر الاستفادة من تجربة شجعان لسنوات خلت في الأمن أو الجيش وتنظيم دورات تأهيلية للراغبين في اختصاصات أخرى. لأنهم قدموا تضحيات كبيرة ومنهم الشهداء والمعاقين ولهم أراملهم وأطفالهم. ولكن لا بد من التغير إيجابيا اذ سيلحق ذلك بالتأكيد تخفيض في الآليات والأسلحة والصيانة والإدارة وما يترتب عليه من مبالغ تذهب الى خمسة ملايين طفل أو باقي مستحقي الرعاية الاجتماعية أو لرفع رواتب هؤلاء. ونضرب عصفورين بحجر واحد حيث الميزانية الأمنية عموماً هي سيدة الموازنة العامة وصندوقها يجود على هؤلاء . بعد ترشيد ميزانيتهم أكثر وبدون مآرب أخرى.