TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > محطات ..فـي المدرسة الفيلية

محطات ..فـي المدرسة الفيلية

نشر في: 31 أكتوبر, 2010: 06:31 م

سامي عبد الحميدعام 1947 ترك (حسين الرضي) الديوانية واستقر في بغداد لأسباب تتعلق بنشاطه السياسي ضد السلطة الملكية، وعمل مدرساً في المدرسة الفيلية وهي من المدارس الأهلية المجازة وكان موقعها في أحد أزقة باب الشيخ، ولأنني والشاب (نجيب ناجي يوسف)
 قد انتقلنا الى بغداد لمواصلة دراستنا الجامعية، فقد شجع ذلك (الرضي) على إعادة تقديم (في سبيل التاج) التي سبق وقدمناها في الديوانية في أحد مسارح بغداد، ولم نتردد في الاستجابة ورحنا نجرب التمارين في باحة المدرسة الفيلية، حيث وافقت إدارة المدرسة على إنتاج المسرحية رغبة في الترويج والدعاية لمدرستهم المغمورة.وحيث لم نكن نعرف شيئاً عن الوسط المسرحي في بغداد وكان ضيقاً وشحيحاً تلك الأيام ويندر ان تشارك فتاة من وسط محترم في الأعمال المسرحية بسبب النظرة الدونية تجاه العمل المسرحي، وذلك بسبب مشاركة عدد من فتيات المنتديات الليلية (الملاهي) في بعض الأعمال المسرحية، ولذلك حذونا حذو الآخرين واتفقنا مع اثنتين منهن لتمثيل الدورين الرئيسين في المسرحية.أثناء مرحلة التمارين حدث حادثان طريفان، الأول عندما زارنا عدد من العاملين في حقل المسرح من أعضاء الفرق الخاصة آنذاك وقد سمحنا لهم بمراقبة سير التمارين، وعند انتهاء الحصة الأولى تصدى أولئك لنقد عملنا بشكل ساخر كونهم من العارفين بأسرار العملية الإخراجية ومن أصحاب الحرفة وكوننا من الهواة الذين ليس لدينا من الخبرة الكافية للإخراج وللأداء المسرحي، وحاول البعض منهم ان يؤدي أمامنا مقاطع من المسرحية ما قلب الأمر لدينا رأساً على عقب، فقد أصبحنا نحن الذين نسخر من أدائهم المتكلف المصطنع ومن مبالغاتهم الفجة في التعبير وودعناهم ترافقهم سخريتنا.أما الحادث الطريف الثاني فهو احتجاج سكان الزقاق، بل المنطقة التي تقع فيها المدرسة على مشاركة فتيات الملاهي في المسرحية ودخولهن مبنى المدرسة ما قد يشوه سمعتها على حد اعتقادهم، وكانت الطرافة تكمن في إجابة مدير المدرسة على ذلك الاحتجاج وفي تبريره لمشاركة الفتاتين!في مرحلة منتصف الأربعينيات من القرن الماضي وحتى نهايتها برزت ظاهرة ابتزازية في بغداد ألا وهي تشكيل مكاتب وشركات للإنتاج السينمائي والمسرحي خصوصاً بعد نجاح فيلم (القاهرة بغداد) وفيلم (عليا وعصام) فنياً وجماهيرياً، كانت تلك المكاتب والشركات تعلن عن نيتها إنتاج أفلام سينمائية وتطلب من الراغبين في الانتماء إليها ان يدفعوا بدلات اشتراك بمبالغ بسيطة نوعاً ما، وبالفعل فقد راح الكثير من الشباب والهواة يسارعون في الانتماء، فماذا حدث بعدئذ؟! لم يقدم من تلك المكاتب والشركات إلا واحداً او اثنين فقط، أما البقية وهي الأكثر عدداً فقد اختفى البعض منها من الوجود في حين راح البعض يماطل ويمهل ويبرر.في تلك المرحلة أيضاً لم يكن هناك نشاط مسرحي بارز غير ما يقدمه (فرع التمثيل) في معهد الفنون الجميلة وبإدارة حقي الشبلي من مسرحيات ذات الفصل الواحد سواء في مسرح المعهد أم في قاعة الملك فيصل- الشعب حالياً- وفيما عداها كانت بعض المجاميع من الهواة تقدم عروضاً مسرحية على مسارح الملاهي وكانت معظم تلك العروض تعتمد على النصوص المترجمة ذات الصفة التاريخية او الميلودرامية، وكان معظم مشاهدي تلك العروض من المستطرقين من عامة أبناء الشعب او من معارف وأصدقاء الممثلين، أما الفئة المثقفة فقد ظلت تنظر بازدراء الى المنتجين والمشاركين فيها، وحتى العروض المسرحية التي كان يقدمها معهد الفنون الجميلة لم تكن تلقى الاهتمام الواضح من الفئة المثقفة ولم تستطع أن تبلور جمهوراً متذوقاً إلا ما ندر.وهكذا ظل طابع الهواية في العمل المسرحي هو السائد منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى أوائل منتصف القرن العشرين عندما تحول الى مرحلة شبه الاحتراف عند تأسيس (فرقة المسرح الحديث) وإعادة تأسيس (الفرقة الشعبية للتمثيل) وكان مؤسسوها من طلبة وأساتذة وخريجي فرع التمثيل بمعهد الفنون الجميلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram