يُصاب المرء بالغثيان من تكرار الشخص المسؤول عن الاخطاء ذاتها في كل يوم لعدم استفادته من التجارب السابقة وغياب الخبرة في اتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات المناسبة بما يجعله مادة للتندر والسخرية من الآخرين بالرغم من تسنمه مهمة قيادة قطاع واسع من منظومة العمل الكروي، فضلاً عن تهربه من تحمـُّل أية مسؤولية في مجال عمله لذلك نجد التخبط والارتجالية من سماته ويفتح ذلك الباب على مصرعيه امام الانتهازيين الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف كما فعلها المارد زيكو في قضية تقديم استقالته من تدريب منتخبنا الوطني قبل ايام من افتتاح بطولة غرب آسيا التي أثارت شجون الشارع الكروي وفتحت جروحاً من الصعب ان تشفى بسهولة لان العلاجات قاصرة عن مداولة جسد الاتحاد العليل الذي تنخر الامراض المستعصية فيه وبات بحاجة ماسة الى جرعات منشطة من النوع النادر ليكون قادراً على مواجهة التحديات والوقوف بحكمة وقوة امام بهلوانيات زيكو وتلاعبه بالكلمات وتغييره المستمر للمواقف وتعاليه الدائم على اعضاء الاتحاد الذين وجدوا انفسهم بسبب مبالغتهم في الانصياع لرغباته وكأنهم موظفون في وزارته السابقة او يقبضون رواتبهم الشهرية منه!!
وفات على الاتحاد ان زيكو كان عاطلاً عن العمل منذ سنوات قبل تسنمه مهمة تدريب المنتخب الوطني ولم يفلح مكتب الاستشاريين والسماسرة الذين يعملون بمعيته في الحصول على فرصة عمل بالرغم من تواجد المئات من الاندية البرازيلية وفي الخليج العربي وغيرها التي تبحث عن المدربين الناجحين، وجاءت منحه فرصة تدريب اُسود الرافدين هبـة من السماء له أنقذته من البطالة الكروية وأسهمت في دخوله بقوة بورصة المدربين، ولو امتلك اتحاد الكرة مفاوضين على درجة عالية من الاحترافية لتغيــَّر الكثير من ملامح إعداد المنتخب الوطني بما يصب لمصلحة إعداد وتطوير اللاعبين نحو الافضل من الناحتين الفنية والبدنية ، لكن زيكو لم يستثمر الفرصة الذهبية بتأكيد جدارته التدريبية وانشغل كثيراً بالجانب المادي على حساب واجبه التدريبي فتداخلت الامور واختلط الحابل بالنابل وتاه المنتخب بين امواج تصريحات زيكو الهائجة ونفى الاتحاد الخجول ودفاعه المستميت عن مدربه الذي يستخدم طريقة لوي الذراع مع الاتحاد لتمرير مخططاته المادية طالما ان في العقد المبرم بين الطرفيين ما يُثيـر الشكوك ويجعل من الوصول الى نقطة الالتقاء وقتية ولا تستند الى حقائق دامغة وتفاهم واضح وانسجام تام لتعبيد طريق النجاح لمنتخب طموح يُمثل شعب يعشق اللعبة حــد النخاع.
وفـق تلك المعطيات فان مسيرة المنتخب وما أصابها من التلكؤ في مشوار المونديال يعود الى ضعف القرار الاداري في اتحاد الكرة وغياب المنهجية الواضحة والرؤية الناضجة والقرار الشجاع للتعامل مع زيكو بالمثل، لأن العقد المبرم بين الطرفين كان حلقة الضعف والحلقة المفقودة التي استثمرها (بيليه الابيض) لصالحه وكسب منها المال الوفير وخرج اتحاد الكرة مهزوماً من اول تجربة مع مدرب محترف خبير يبحث عن المال ومصلحته الشخصية ولا يعترف بالعواطف!