بغداد / خليل جليلبعدما ذهب منتخبنا الوطني للناشئة إلى العاصمة الاوزبكية طشقند حاملاً معه آمال وتطلعات الملايين من عشاق الكرة العراقية وتحقيق حلمهم ببلوغ مونديال الناشئين العام المقبل في المكسيك لم يكن احد ان يتوقع ان منتخب الناشئة سيبدأ مشواره بطريقة مثيرة للانتباه لاسيما بعد ان خيمت على الشارع الكروي أجواء الانكسار النفسي والمعنوي الذي رافق خروج منتخب الشباب من نهائيات القارة
الذي كان بمثابة إيذاناً لانتكاسات أخرى متلاحقة على أساس ان منتخب الناشئة سيدفع ثمنها هذه المرة.لكن الأحداث المتلاحقة في طشقند فندت تلك التوقعات وجاءت الرياح بما اشتهاها محبو الكرة العراقية وجمهورها الكبير عندما وجد منتخب الناشئة يشق طريقه بانتصار باهر في خطوته الأولى على حساب الصين ثم عزز مسيرته بانتصار آخر كان أقوى من سابقه بسحقه المنتخب الكويتي قبل ان يتأهب لمباراته أمام الإمارات التي كنا نتمنى ان يمضي فيها الجهاز الفني بذات الإصرار والعزيمة التي بدأها منتخبنا وان لا يضع قضية الخط الثاني لمنتخبه وتغيير تشكيلته وطريقة لعبه على أساس ان المشوار أصبح في متناوله وأصبحت بطاقة العبور إلى ربع النهائي مضمونة فعلا، فأيمنتخب يبقى بحاجة إلى عنفوان روحية الأداء حتى آخر لحظات مشاركته بدلا من أن يضع نفسه تحت طائلة الإطمئنان العالي.وبعد ان ودّع منتخبنا الوطني للناشئين وهو يستحق تماما ان ينعت بالمنتخب الوطني لأنه حمل بين طياته كل مشاعر الوطنية وهو يدافع عن الوان الكرة العراقية الفتية ، هل يمكن القول ان الناشئة قدموا ما في وسعهم وبذلوا كل ما عندهم ، نعتقد ان ذلك كان حقيقة واضحة امام كل متابعي نهائيات طشقند، فالذي قدمه الناشئة هو كل ما عندهم وفي ظل ما اتيح أمامهم من مقومات الدعم والرعاية المتواضعتين، فهل يمكن مقارنة الظروف التي دخلت فيها منتخبات الكويتي والصيني والإماراتي والياباني مع الظروف التي دخل فيها منتخبنا معمته.وهل واصلت هذه المنتخبات رحلة إعدادها وتحضيراتها وتدريباتها للمهمة القارية بالوتيرة والطريقة نفسها التي دأب عليها هذا المنتخب الفتي منذ فترة طويلة ، وهل كانت الحافلات الحديثة والطائرات التي تتنقل بها تلك المنتخبات بين اكثر من عاصمة لغرض المعسكرات والتحضيرات ،هي ذاتها وسائل النقل التي كان يستقلها لاعبو منتخبنا للناشئين الذين كانوا يتوزعون بين طرقات ملعب الشعب الدولي بحثاً عن اية وسيلة توصلهم الى عوائلهم وهذا ما أصبح واحداً من معاناة الناشئين في تلك الفترة ، وهل حظي منتخب الناشئة ببرامج إعداد مثالية وضعت لها أرصدة مالية وإنفاق مالي مشابه لما حظيت به منتخبات الكويتي والإماراتي والياباني والصيني؟نعتقد بان مثل هذه التفاصيل واضحة للعيان ولا تحتاج إلى اي جدل او شك او رأي آخر فالمنتخب شق طريقه بإمكانات بسيطة حرص الاتحاد العراقي لكرة القدم على تأمينها الى جانب محطات تدريبية محلية مكثفة ومعسكر خارجي في تركيا ،هذا كل ما استطاع الاتحاد العراقي تقديمه لمنتخب الناشئة لهذه المهمة التي تتطلب بطبيعة الحال عملاً كبيراً وشاقاً وقدرات مالية مهمة، لكن الظروف المعروفة هي التي كانت سائدة في رحلة أعداد وتحضير منتخب الناشئة منتخب الأمل الواعد بظهور نخبة جديدة من الأسماء الفتية على طريق كرة القدم العراقية.على اية حال لقد وضع المنتخب الياباني نهاية لمسيرة منتخب الناشئة في مشواره القاري والسبب ليس لان منتخبنا لا يمتلك أية مهارات واعدة او قدرات فتية على الصعيد الفني والأدائي ، بل على العكس فان ما امتلكه المنتخب الياباني من عناصر للمهارات والموهبة الكروية كان حاضرا لدى لاعبينا الناشئة بالمستوى الأدائي نفسه ، لكن ما كان ينقصنا هي طريقة صياغة تلك المواهب وكيفية رعايتها وتوظيفها للنتائج والانجاز فضلا عن عامل الخبرة التدريبية التي نراها دائما لدى مدربي المنتخبات الشبابية او منتخبات الناشئة فأكثر من منتخب وفي أكثر من بطولة نراه يبدأ بشكل متواضع ثم يأخذ مساره شكلاً آخر تصاعد فيه القوة.وللتذكير تحدث الكثير ان المنتخب الياباني ليس بالمنتخب البعبع ونتائجه جاءت بسيطة والمنتخب الاسترالي هو الآخر كان بعيدا عن دائرة الترشيحات والأوزبكي الذي اطاح بالمنتخب السوري.وعندما يتتبع متابعو البطولة الآسيوية يجدون ان مدربي هذه المنتخبات وضعوا في أولوياتهم عملية التصاعد الأدائي من دور لآخر ومن مباراة لأخرى، ولتقريب الصورة اكثر نجد إن الجهاز الفني للمنتخب الياباني وضع في اهتماماته منتخبنا قبل انتهاء الدور الأول وهكذا بقية المنتخبات عندما عملت أجهزتها الفنية ترتيبات مبكرة لمقابلاتها، بل وأوهمت بقية المنتخبات ومدربيها واحتفظت بأسرار عدة من أروقة البطولة وكان هذا واحداً من أسرار تفوق المنتخب الياباني علينا لاسيما وان الأخير ظهر أمامنا بطريقة مغايرة تماماً عن الطريقة التي وصل فيها إلى ربع النهائي كثاني مجموعته وليس متصدرها وكأنه أراد ان يخفي أشياءً ويظهر أشياءً أُخر!عموما نعود إلى منتخبنا الفتي بأعمار لاعبيه والكبير بقدراتهم الواعدة فقد كان في مستوى مسؤولية المشاركة المتميزة وقدم ما يمتلكه من قوة وروحية واندفاع لكن تبقى قضية إدارة الخبرات التدريبية للمهمات والمباريات هي أكثر حسماً والأكثر تأثيراً.
الناشئة قدموا ما في وسعهم وبما أحيطوا من رعاية متواضعة!

نشر في: 2 نوفمبر, 2010: 05:40 م









