أبو ظبي- فيصل عبد الله-بإعلان جوائزه والمقدرة بمليون دولار أمريكي، والموزعة على مسابقات فقراته الأساسية، يكون مهرجان أبو ظبي السينمائي (مهرجان الشرق الأوسط سابقاً) قد أختتم فعاليات دورته الرابعة قبل أيام. وعبر حفل كبير أحتضنه "قصر الإمارات"
المنيف، وشهد، أيضاً، عرضاً لشريط "المحقق دي وسرّ الشعلة الوهمية" للمخرج تشووي هارك، أحد أعمدة سينما الموجة الجديدة في هونغ كونغ. ما أستقطبته هذه الدورة من إشتغالات سينمائية، سواء تلك القادمة من العالم العربي او من بلدان الجوار او من أوربا، يسجل لصالح القيمين على هذه التظاهرة الوليدة. rnولعل الدعم المالي والمعنوي السخي لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث بدا واضحاً، لهذا الحدث السينمائي الأبرز في حياة هذه الإمارة الآمنة والطموحة، إذ يعود لها الفضل في إطلاق مبادرة صندوق "سند" في نيسان/أبريل الماضي، وغايته دعم مراحل التطوير الأولية والإنتاج النهائية لـ 28 مشروعاً سينمائياً طويلاً ووثائقياً، ورصدت له مبلغاَ قدره 500 ألف دولار أمريكي. فيما تولى الأمريكي بيتر سكارليت، المدير الفني، مهمة تسليع هذه التظاهرة دولياً مستفيداً من علاقاته السينمائية الواسعة. "انه مهرجان يحاول إشاعة ثقافة الفرجة السينمائية، على الرغم من أنني لا أعول كثيراً على الجمهور" كما يقول سكارليت في أحدى مقابلاته المتلفزة، فيما يرى إنتشال التميمي، مبرمج فقرة الأفلام العربية، "ان مهرجاني أبو ظبي و دبي، وقدراتهما المالية والإدارية، فضلاً عن إرادة القائمين على هذه التظاهرة سيضع بقية المهرجانات السينمائية العربية في وضع حرج لجهة إستقطاب جديد السينما العربية".السينما الإيرانية-لئن أفتتحت هذه الدورة بشريط "الأكورديون" القصير للإيراني جعفر بناهي، فان مهرجان أبو ظبي السينمائي يكون قد سجل سابقة عربية تعد الأولى من نوعها، إذ من خلالها بعث هذا المهرجان الواعد، برسالة تضامن جريئة مع مخرج يقبع تحت إلزامات الرقابة وممنوع من العمل او السفر خارج بلده. وكما درجت عليه مهرجانات سينمائية أوروبية عتيدة مثل، كان وفينيسيا وبرلين. ذلك ان صاحب "البالون الأبيض" (سعفة كان الذهبية) و "الدائرة" (أسد فينيسيا الذهبي) و "المرآة" (فهد لوكارنو الذهبي) "دم قرمزي"(جائزة لجنة التحكيم الخاصة لفقرة نظرة ما–كان) و "تسلل" (دب برلين الفضي)، كان الحاضر القوي ضمن فقرات هذه الدورة رغم غيابه. وما اختيار شريطه القصير "الأكورديون"، عرض في مهرجاني البندقية مونتريال الأخيرين، وهو جزء من مشروع ضخم أطلق عليه "بالأمس واليوم؛ فوق الحدود والإختلافات". وتبناه الإتحاد الأوربي والأمم المتحدة، والمستلهم من البند 18 لشرعة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ونصه يتمحور حول ضمان "حقوق الأفراد وحريتهم في التعبير والرأي والدين". إلا توكيداً لمكانة هذا المخرج المهجوس بالهم الإجتماعي والحالة السياسية وقضية الرقابة في بلده. يساجل بناهي في شريطه "الأكورديون" (9 دقائق)، أكثر من قضية تطول حرية التعبير والرأي والرقابة وحضور المؤسسة الدينية في الحياة العامة. ومن خلال صبي يجوب شوارع طهران لكسب قوته اليومي عبر العزف على آلة أكورديون قديمة، وبرفقة صبية تقرع الطبلة. إلا ان إعتراض رجال الشرطة لهما بحجة انهما يعزفان قرب مسجد، ومصادرة آلة الأكورديون، ينقل الشريط الى مستوى علاقة المؤسسة السياسية الملتبسة برعاياها ومصادر رزقهم. صحيح ان الصبي يتمكن في آخر الأمر من إسترداد آلته، وهي نهاية تصالحية برأيي، لكن رمزية الفعل السلطوي وإدانته كانت واضحة.-إلا ان بناهي حضر بشكل آخر، وعبر إشرافه على مونتاج شريطين إيرانيين عرضا ضمن فقرة آفاق جديدة. ويأتي العمل الأول للشاب وحيد وكيليفار "غيشير"، ليضيف أسماً آخر الى كم من السينمائيين العاج بهم هذا البلد. وفيه ينقلنا المخرج الى جنوب إيران الغنية بالنفط والغاز، وعبر قصة ثلاثة شباب يقررون الهجرة الى هذه المنطقة النائية بحثاً عن فرصة عمل. وما ان يحصلوا على وظيفة ثانوية في معمل لتكرير الغاز الطبيعي، حتى يواجهوا مشكلة تأمين السكن، فيقع خيارهم على أنبوب مهجور. يتحول هذا الخيار، وبمرور الوقت، الى حاضنة ليوميات وأحاديث ومفارقات وذائقة موسيقية، وأيضاً الى زاوية نظر الى العالم المحيط بهم. تتكشف لنا كمشاهدين، مثلما لهؤلاء الشباب، أوضاع العمل الشاقة وروح الرفقة وخردة الصناعات النفطية وعالم الصحراء المحيط بها ومياه الخليج العربي بألوانها التركوازية الساحرة. جاءت الحوارات مبتسرة وبأقل ما يمكن، وحلت بدلاً منها عدسة المصور إدوارد بورتينسكي الأخاذة، والتي راحت تقتفي سكنات هؤلاء الشباب وما يحيط بهم من عوالم يجمعها التناقض. شريط "غيشير" آسر في موضوعه، في صياغته السينمائية وفي ثقافة تشكيلاته البصرية. وما منحه جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم روائي لمخرج جديد، وقدرها 100 ألف دولار أمريكي، هو في حقيقة الأمر تحصيل حاصل لإشتغال مخرج موهو
المُـعـلـم الإيـرانـي عبــاس كيـارستـمـي الـحـاضــر الأكــبــر ورسالة تضامن
نشر في: 3 نوفمبر, 2010: 05:03 م