TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رفقاً بالطراطير

رفقاً بالطراطير

نشر في: 2 ديسمبر, 2012: 08:00 م

ملف حقوق الإنسان في العراق  خضع هو الآخر للتجاذبات السياسية، وبغض النظر عن الآراء والمواقف المتقاطعة ، هو بأمس الحاجة للشفافية  لعرض الوقائع والحقائق ، وتقارير  المنظمات الدولية  عن حجم الانتهاكات  الكبيرة لحقوق العراقيين  تنظر لها بعض الأطراف  بارتياب ،  لكونها تصدر من جهات تحركها دوافع سياسية ، تحاول النيل من التجربة الديمقراطية ، وتشويه صورة النظام في العراق ، وبمعنى أدق ممارسات السلطة ، فيما يراها  طرف آخر بأنها واقعية ، وموثقة بالأرقام والأسماء ،  ولدى الطرفين غاية سياسية  في استخدام هذا الملف لتحقيق  المكاسب ، في ظل غياب الشفافية ، وانعدام إمكانية إظهار الصورة بحجمها الطبيعي من دون رتوش .

الطرف الأول بإصراره على الدفاع عن التعاطي مع ملف حقوق الإنسان طبقا للمعايير الدولية لديه قناعة راسخة بأن من يعارض رأيه أو موقفه ، يصطف مع "الطراطير"   الساعين لتشويه  المنجزات والمكتسبات المتحققة طيلة السنوات الماضية ، ومن الطبيعي جداً أن لا أحد من العراقيين من السلف الصالح والجيل الحالي يرتضي لنفسه أن يكون ضمن فيلق الطراطير وإطلاق  مثل هذا الوصف يعده جريمة ، وانتهاكا لحقوق الإنسان ، وأحد أبطال الشاشات الفضائية  المعروف بإطلالته  اليومية في نشرات الأخبار ، اتهم   المطالبين بزيارة السجون والمعتقلات  للاطلاع على أوضاع المحتجزين والمحتجزات للتأكد من عدم تعرضهم للتعذيب ،   للحصول على اعترافات قسرية ، اتهمهم بأنهم  عناصر في جوقة تعاني الغباء السياسي ، لا تجيد سوى عرقلة  أداء الحكومة ، وتشويه تعاطيها مع ملف حقوق الإنسان ،  وهؤلاء الطراطير  بحسب وصفه "   يعرفهم القاصي والداني وهم سبب الأزمة الراهنة وتعطيل التشريعات وعرقلة الأداء الحكومي واضطراب الأوضاع الأمنية في البلاد "

عناصر "جوقة الغباء السياسي" على حد قول بطل الشاشة ، تناسى أن هذه الجوقة كتبت الدستور ، التزمت بمواده ، وتمسكت  بالتداول السلمي للسلطة ، وبتوافقاتها حصل أصحاب المناصب الحالية على مواقعهم ، وامتيازاتهم ، ومنهم من يتطلع لدورة ثانية أو  ثالثة للحفاظ على منصبه ، وليس مستبعدا أن يتحقق مثل هذا الهدف ، لأن أبطال الشاشة  تبرعوا بالدفاع عن أسيادهم ، وطالبوا بتطهير البلاد من كل الطراطير  لاستخدامهم ملف حقوق الإنسان بدوافع "سياسية  رخيصة" .

المفتش  العام في وزارة العدل دعا أعضاء مجلس النواب ،  ومنظمات  المجتمع المدني إلى  توجيه  أسئلة دقيقة للمعتقل أو الموقوف عن  المكان والجهة المتورطة بتعذيبه وانتهاك حقوقه ، فربما يكون قد تعرض للانتهاك في سجن التسفيرات أو سجون أخرى غير تابعة  لوزارة العدل ، ودعوة المفتش تتضمن اعترافا بوجود تعذيب ،  أما وزارة حقوق الإنسان  فأعلنت في أكثر من مناسبة أنها حريصة جدا على    اعتماد المعايير الدولية في إدارة السجون والمعتقلات ، ورفضت خضوع النزلاء للتعذيب .

ما قاله المفتش في  الوزارة  المسؤولة عن إدارة المعتقلات ، والأخرى المعنية بحقوق الإنسان يؤكد وجود انتهاكات ، فأين الطراطير  في هذه المعادلة ؟ 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram