TOP

جريدة المدى > عام > جمعيـــة التشكيليين وأدبــاء البصرة يحتفون بـ (حياة هشة)

جمعيـــة التشكيليين وأدبــاء البصرة يحتفون بـ (حياة هشة)

نشر في: 3 ديسمبر, 2012: 08:00 م

ضيفت جمعية التشكيلين في البصرة على قاعتها المقام فيها معرض  (حياة هشة) وبمشاركة اتحاد الأدباء جلسة احتفاء بالفنان هاشم تايه.بدأت الجلسة بتقديم بعض الأوراق البحثية عن المعرض قدمها الفنان صباح السبهان والفنان عبد الرزاق الحلفي والكاتب احمد صحن. ثم تحدث مدير الجلسة الناقد خالد خضير  مؤكداً إن معرض الفنان هاشم  تعبير عن وجع وسخرية، وأرى في تجارب  هاشم تايه قدرتِهِ على الكمونِ في المناطقِ التي يسميها سلفرمان وبرتراند رسل (المابين) أو (التخوم)، ومع انه يتنقلُ في مناطقَ التخومِ هذه إلا أننا نجدُه، أينما حلَّ، يمتلكُ ناصيةَ مادتِهِ التي يشتغلُ عليها. ويقدم في معرضِهِ هنا تجربةَ نحتٍ، ولكنّه يعيدُ علينا فيه الغرائبيةَ الماديةَ ذاتَها، ويؤسسُ لقوانينَ استثنائيةٍ كان يقدّمُها الرسامون حينما يمارسونَ النحتَ نمطاً إبداعياً (آخرَ)، و معرضه ليس لمادة مضى عليه معها سنوات ، فهو يطورها في كل معرض جديد يقيمه،لكنه يكرس ذات المحركات السابقة. فما زالت البنية الكاليغرافية مهيمنة على أعماله ،فيدخل السرد في بنية العمل، بتحول الخط من طبيعته المادية إلى طبيعة سردية، و يغلق الأشكال، ويردم الفراغات.
ثم تحدث الفنان هاشم تايه مؤكداً : حين يٌورَّط فنان في الكلام على عملٍ فنيّ أنجزه، فستكون المهمّة فادحة لو أنه تكبّد عناء الدفاع عن عمله وتبريره، فالمفترض أن العمل، وحده، هو من يعرض حقائقه الجمالية، ويدافع عنها ويبرّرها بمنطقه الخاص. وتساءل تايه :لماذا حياة هشّة؟. العنوان مستقى بتحريف من موضوع أثير لدى الرسّامين دأبوا على عنونته بـ (حياة ساكنة) أو (حياة جامدة) وهو ما جرى التعبير عنه في الإنجليزية بـ (still life). الصفة (هشة) في عنواني تعيّن طبيعة المواد والخامات والسطوح التي أنجزت بها أعمالي، وهي مواد تمت صناعتها لتستخدم كحافظات لمادة حياة يوميّة حالما تستفرَغ منها يكون مصيرها النفاية أو الأرصفة، أو جادات الطرق في بيئة عارية تجعلها عرضة لآثار متعددة فتتقادم وتتلف وتتغيّر أشكالها، وتنتهي إلى (طبيعة هشة).
أعمالي هذه تنطلق من وضعٍ أقرب إلى عدمٍ، عدم توفر ما يُفترض أنه أساسيّ من الأدوات والوسائل المعروفة لصناعة أثر فنيّ، و افتراض عدم وجود ذاكرة في ذاكرة رأس الفنان الذي سيجد وسائله وأدواته في أي شيء يقع تحت يديْه، وسيعمل بلا تقاليد فنية. خلاصة الأمر أعمالي هذه وغيرها حصيلة افتراض أنني أعمل في عدم، عموماً يمكن القول إنّ هناك أكثر من دافع وراء استثماري مواد غير تقليدية في انجازها أستطيع إيجازها بـ:نزوع شخصي تأصّل مع الزمن إلى التجريب ،والتحوّل الذي يطرأ على المواد الجاهزة المستهلكة التي يتمّ نفيها في البيئة جراء آثار متباينة يجعلها تكتسب مظاهر وأشكالاً مثيرة، فتبدو، وقد تعرّضت للتلف، كما لو أنها تختزن تعبيراً ما، بل تغدو ملهمة بتقديمها مقترحاً لصورة فنيّة أوليّة تعرض نفسها على الخيال مستفزة الرؤية ومحفزة على استثمار أشكالها المتحولة في إنجاز عمل فني. إن استخدام الخامات والمواد المرذولة في أعمالي كان حصيلة بداهة الرؤية البَصَريّة ،وتوافقت مع حقيقة أن العالم معروض علينا للاستثمار في ضروب شتى من الاستثمار بما فيها الاستثمار الجمالي، كذلك وعيٌ بأهميّة صناعة أثر فني مفارق ببدائل عن المواد التقليدية مع مفهوم عن فن شامل ترسّخ لاحقاً، فن يعمل خارج منطقتي الرسم والنحت المعهودتيْن، وخارج الأعراف الفنيّة بمحظوراتها ،إدخال مادة الحياة في العمل الفني ومنح هذه المادة فرصتها للمشاركة في إنتاج هذا العمل وتقويّة التأثير الجماليّ فيه. وذلك يعني تغيير آلية التصرّف بالفعل الذي ينتج عملاً فنيّاً اعتدنا على أن يتحكّم به الفنان. أن الآلية التي أنتجت بها أعمالي بخامات تالفة تعيد الممارسةَ الفنيّة إلى بدائيّتها كفعل حرّ يُنجز أثره بتطويع أية مادة قريبة مهما تكن بساطتها، وهذه الآلية قد تفتح المجال أمام الممارسة الفنية غير المحترفة لتعمل بطاقة أكبر مدعومة بمبادرات متحررة من أية سلطة، ولا بأس أن تكون بعد ذلك إلى جوار الممارسة الفنية المحترفة، أو على هامشها. المهم أن تكون مستفزة، مشاكسة، وحتى ساخرة.ثمة تعاطف يدفعني إلى محاولة إعادة هذه الأشياء إلى الحياة، وتجديد لقائها بنا في كيان فني يمنحها جدارة بالبقاء، و نزوع بإضفاء الحياة على كلّ شيء بما في ذلك الجمادات، ويدفع الفنان إلى استنطاق هذه الحياة في أعماله. إنني فنان غير محترف اعتدتُ العمل بأهواء خاصّة في مكان عزلتْهُ فظاظتُه عن العالم، وإذا حدث أن توافقت تجربتي مع تيار فني عالمي فقد وقع ذلك مصادفة، إذ أن نزوعي إلى العمل بأية مواد رافقني منذ فترة مبكرة من عمر تجربتي التي بوسعي الآن أن أراها كيف انطلقت بمجرّد قطعة فحم تحرّكت بأصابع طفل على جدار إسمنتي خشن في بيت قديم ثم مضت تعبر عن نفسها بأية مادة وعلى أي سطح. وختم الفنان هاشم تايه بـ"ليس هذا دفاعاً عن تجربتي، فـ(حياة هشة )هي إلى حدّ ما حياتي وهي أوهن من أن تقدّم دفاعاً عن نفسها".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

في مهرجان الخريف.. أعمال تجمع بين التعبيرية والتجريد والسريالية

تساؤلات عن موت الفلسفة والفلاسفة

في معرض(انتباه): ثلاث رؤى تثير الانتباه

رحيل المخرج العراقي قيس الزبيدي أحد أبرز روّاد السينما الوثائقية العربية

ابنة الآمر.. الرواية التي خلدت بوشكين

مقالات ذات صلة

علم السرد والوسيط الرقمي
عام

علم السرد والوسيط الرقمي

د. نادية هناويمن العوامل الرئيسة في تجدد النظرية السردية وانفتاحها على مجالات غير مسبوقة تؤهلها لإحراز مزيد من التقدم في مهماتها تحليلا وتفسيرا وممارسة هو التقدم التكنولوجي في مجال الذكاء الاصطناعي. ويتضح هذا التجدد...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram