TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > القول بما يشبه الصمت.. صيحات استغاثة صوب تلك البلاد

القول بما يشبه الصمت.. صيحات استغاثة صوب تلك البلاد

نشر في: 9 نوفمبر, 2010: 05:06 م

محمود النمرلأن الشعور بالغربة قاس ومليء بالتداعيات، ولا يمكن معالجته إلاّ بالصمت والإتكاء على حائط  الذكريات الذي يعطيك فسحة أخرى للانطلاق الى عوالم  ترمم هذا الانكسار النابت في الذات .عنوان مجموعة (القول بما يشبه الصمت) للشاعر المغترب  حميد حداد الصادر من مطبعة الحضارة للنشر في  مصر القاهرة.
 هو إعلان فاضح للصمت الذي يغلف جسد الشاعر وذاته في الغربة فيقول / هاهو نومك يلهو / قرب طاولة القراءة / حيث تمددُ الأحلام على أوراق بيض / هاهنا يلمع انهيارك / قرب صورة تمثال مأخوذ ٍ بالندم / بحضور الغابة مساء ً اليك / تريق السلالم، تمسك بغيومك الحزينة .هذه المقطوعة النثرية هي من القصيدة التي تحمل اسم المجموعة ،تومض فيها دلالات الانكسارات الموجعة في الغربة –  النوم لهو نتيجة الملل - القراءة تتمدد فيها الأحلام وسرعان ما تنهار – والتمثال الذي يتمثل بروح الشاعر سرعان ما يتضاءل بالندم – وحضور الغابة  الذي يهرب منها او يتوجس فيها الخوف  حيث  يداهمه المساء – السلالم  لاتقود إلاّ الى غيوم حزينة .هذه صور تراجيدية  يحبكها لنا الشاعر حميد حداد، هي لا تقبل التأويل ،صور فاضحة للانكسار والنكوص نتيجة الم الغربة والنزوح عن الوطن،ولكنه الوجع الذي يؤدي الى تعضيد  الذات المنكسرة.حياة قرب سور شائك / هي نفسها وأنت في الثلاثين تهرم /الاسوار الشائكة / تمنح الثياب خوفها / ما يبرر تمسكها بالتجوال معي /او بهبوطها ليلا ً على نافذتي /إنها دعوة لارتكاب الخطأ ذاته / لإرتكاب الزمن  ذاته / وهو يسيل بعيدا ً،صفحة 24.بعد قراءة الديوان يتمكن  القارئ من القول إن هذا الشاعر مخترق بلعنة الحنين (الهومسك ) وهو مازال يعيش في منفاه الهولندي ولكنه مشدود من حبله السري الى بلاده / حين يخترق البرق / زجاج النافذة / تسقط عيناي / على الكرسي المقابل / الفارغ .يعتمد حميد حداد على استنطاق الصورة وليس النظر اليها فقط ،اي انه يحاول ان يستدرج المعاني ويحفر بإزميل اللغة ويثبته على جدران الزمن / ملك منطفئ / وعجوز تدون / هزائمه .او انه يقرأ ما يفكر به الطغاة في الأنوية او التسلط الذي عاشته بلاده من ظلم الدكتاتورية فيجتزئ صورة الطاغية وهو في اشد حالاته العنجهيه / جلس ......./ تحت صوره وبطولاته / وبهدوء / أشاح بوجهه عن المرآة / وتنفس الحرب .كم  هو قاس حينما تترك بلادك وترحل ،  والأنكى من ذلك انك تعلم ان خلفك بلاد تحترق بمن فيها ،لذلك تكون الكتابة هي صيحات استغاثة مخنوقة فيها لوعة وفجيعة .قيمة الشعر هو ان يفتح النوافذ المغلقة ويترك الأسئلة معلقة على الابواب التي لاتنفتح ،وقيمة الفسفة هي اخذ هذه الأسئلة من إيقونة الشعر لتمنح الأفق قدرة التوهج وهذا ما أراه في مجموعة حميد حداد الذي اقرأ من بين سطورها حياءه الواضح على السطور .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram