اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تنموياً.. الفوضى الخلاقة أم الصدمة؟

تنموياً.. الفوضى الخلاقة أم الصدمة؟

نشر في: 3 ديسمبر, 2012: 08:00 م

الوصفان معروفان، النسب والحسب. وقد تعاطينا معهما، وما زلنا نراوح في المكان والزمان المحددين. فالعلاج بصدمة الاحتلال أخلت كثيراً بالبناء المؤسسي والاجتماعي وانعكست مذهبياً، ما زلنا ندفع ثمنها أما الفوضى الخلاقة كمختبر لما تمخضت عنه الصدمة، ما زال قائماً من الناحية التنموية. فأسباب الشلل التنموي ما زالت سياسية بامتياز من الفقر المدقع إلى الهشاشة الأمنية اللتان تحولان دون برامج تنموية فالاستثمار لا زال محدود النشاط رغم أن العراق المفروض أن يكون الواحة السليمة التي لم يطالها إعصار الأزمة المالية الدولية على الأقل في الشرق الأوسط  .  فعندما يعلم أي مستثمر أجنبي أو عربي أو عراقي وفي عناوين الصحف الرئيسية أن هناك احتمال تبادل إطلاق نار بين (البيشمركة وقيادة عمليات دجلة) فماذا يكون رد فعله؟ وهو يستثمر في الأنبار أو البصرة؟ والصراع أو الخلاف ليس مجرد عملية محلية.
وهكذا مثلاً في جميع القضايا التي نشرت غسيلاً ليس نظيفاً في كثير من الأمور التي لم تنضج لحد الآن أبعادها بدقة من وزارة الكهرباء الى التعرفة الكمركية وألغازها الى فشل التموينية وصولاً الى مشكلة المدارس مروراً بالمادة 140 وصولاً الى القوانين الأساسية المعطلة التي توضح هوية البلد ويتعامل المستثمر في ضوئها وبموجبها وعلى أساسها البنك المركزي أنموذجا.
حيث لم تنضج لحد الآن الهوية بكامل أبعادها كما يجلوها قانون الانتخابات وقانون الأحزاب المفروض أن ينهيا العلاقة بدول الجوار الذين يعرضوننا يومياً إلى (هزات الخلاقة أو الصدمة)  وما ينعكس سلباً على الاستثمار عموماً حيث يتأثر المستثمر حتى لو انتصرت دولته في مسرحيه الفوضى الخلاقة أو الصدمة.  لأنه أولاً وأخيراً (رأس مال)  ليحسب أن الدنيا يوم لك ويوم عليك.
 ولذلك تكون هذه الأجواء صالحة فقط للعمل التجاري وازدهار الاستيراد فقط وبدون تصدير يذكر أو اكتفاء ذاتي.  ولذلك هناك من يقول أن التعرفة الكمركية أخمدت بناء على أجندة خارجية تواكباً مع مصالح الدول التي تتاجر مع العراق. إذ بات أكيداً أن التصدير للعراق وبوتائر متصاعدة أجدى اقتصادياً بشكل مطلق من أي عمل تنموي كأن يقام معمل للمواد المصدرة إلى العراق. نظراً لديناميكية الخلاف الذي أججته الصدمة وأدامته الفوضى الخلافة.  فحتى صناعة السيارات مثلاً تتنافس الآن على الاستثمار بموجب (SKD) أي الصناعة على مراحل لا حبا في الخبرة العراقية ورخص العمالة كما في باقي فروعهم التي تعمل كفروع لها في دولة رخيصة العمالة وكفوءة بل مجرد عملية سيطرة على سوق السيارات العراقي الذي يزدهر مع الأيام بفصل غياب النقل العام سواء للنقل اليومي أو التنقل بين المحافظات والذي لا يلوح في الأفق أنه يتقدم.   حتى صناعة السيارات فهي لحد الآن أكثرها سيارات صالون.   
وهذه من ثمرات العلاقة التجارية الاستثنائية التي تربط العراق مع المستثمرين الذين هم في كل الأحوال رابحين تجارياً أو صناعياً. رغم أن العراق يسير نحو الاختناق مرورياً وعلينا التكيف مع هذا القدر، وفي خدمة هذا التوجه الذي تفرضه تبعات وتداعيات غيرنا التي رسمها لاقتصادنا ليكون تجارياً وحتى وإن كان مصنعاً وهذه وصفات دفع ثمنها غيرنا لأنهم دول غير نفطية أي لديهم أسبابهم. كما رسمت الآن وصفة الأردن من قبل صندوق النقد الدولي في أسعار المشتقات النفطية لإعادة هيكلة الاقتصاد والسياسية الأردنية ويحصرونها بين الصدمة أو الفوضى الخلاقة لتصب في خانة من يملك القوة الخشنة والناعمة من جيرانهم الأقربين أننا أمام خيارين، إما سلطة القائد العادل وتحدياتها كبيرة جداً أو ديمقراطية حقيقية وبمشروع تنموي واضح الأبعاد تكون السياسة في خدمته وليس العكس وهذا هو الخيار المر الثاني على جميع أصحاب الدرجات الخاصة.   

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: ليالي السعادة من هلسنكي إلى أبو ظبي

 علي حسين ظل السؤال الذي يشغل الفلاسفة عبر العصور هو :" كيف يمكننا أن نزيد حظوظنا من السعادة ؟". وكان سقراط يصر إن السؤال يجلب لنا الحقيقة وهذه الحقيقة هي التي ستدلنا على...
علي حسين

صناعة الوهم: قراءة في تصنيف التايمز لاهداف التنمية المستدامة

د. طلال ناظم الزهيري قبل أيام قليلة، صدر تقرير التايمز عن مساهمة الجامعات العالمية في السعي لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ومع ظهور نتائج التقرير، أذهلتنا بوادر الاحتفال بالتقدم الكبير الذي تحقق على...
د. طلال ناظم الزهيري

مشروعنا الوطني.. بين التكاملية والكماشات

ثامر الهيمص مشروعنا الوطني المستقبلي وخيارنا الاخير، بعد عالم النفط وريعيته التي عجزنا عن تسويقه محليا، اي بتصنيعه او لاستخدامه رافعة حقيقة للصناعة والزراعة منذ اكتشافة اي قبل قرن تقريبا. والان وصلنا لحلقته المفرغة...
ثامر الهيمص

ترمب يتقدَّم… الرجاء ربطُ الأحزمة

غسان شربل خرجَ جو بايدن من المبارزة مع دونالد ترمب جريحاً. خانَه العمر ومن عادتِه أن يفعل. خيانة في لحظة الذروةِ وأمام عشراتِ الملايين المسمَّرين أمامَ الشاشات. فشلَ بايدن في لعبِ دور الهداف. وفي...
غسان شربل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram