إيمان محسن جاسمكيف يمكننا أن نرسم صورة العراق لدى الآخرين ؟ وكيف ينظر هؤلاء للعراق ؟ وما هي الوسائل الكفيلة برسم الصورة المطلوبة للعراق والعراقيين عند الرأي العام العربي ؟هذه الأسئلة كانت تدور في مخيلتي وأنا أستمع لردود الأفعال عن كل إجابة أقولها لأسئلة تطرح علي من هذا وذاك من أبناء الوطن العربي الذين جمعتهم القاهرة وجامعتها ، كنت أحاول أن أقلل بعض الشيء من الإنجازات
التي أعتقد إنها تحققت في البلد ولكنني مع هذا كنت لا أجد من يقتنع بما أقوله بحكم تراكم الضخ الإعلامي الذي شوّه صورة العراق وجعل منه بلداً يتقاتل أبناؤه على السلطة والمال .وربما خدمتني أجواء وحمى الانتخابات في مصر والأردن وقبلها البحرين وما يدور حول استفتاء جنوب السودان وما يمكن أن يتركه هذا من خارطة جديدة للوطن العربي .وما أسعفني أكثر أنني أمتلك بعض المعلومات الواقعية عن أحوال بلدان كثيرة في وطننا العربي ، كانت أول الأسئلة وأكثرها شيوعاً حين يعرفون بأنك عراقي رجلاً كنت أم امرأة، هل أنت سنية أم شيعية ؟؟ يا لهذا السؤال الذي يحمل أكثر من تأويل وإجابته تتحمل أكثر من مسار! والصمت إزاءه أفضل وإن قلت إني عراقية مسلمة لا أفرق بين هذا وذاك يكون الجواب أكثر تأويلا من السؤال نفسه ، ولكي لا يتكرر هذا السؤال على كل عراقي وعراقية خارج البلد، فيجب أن يكون الرد بسؤال مساوٍ له بالقوة ومعاكس له بالاتجاه وهو هل نهر دجلة سني أم شيعي ؟ هذا النهر الذي يروي كل أرض وأهل العراق كما الفرات هل يمكن أن يفرق بين هاتين الطائفتين أم بينهما وبين الأديان السماوية الأخرى ؟ حين سألت هذا السؤال شعرت بأني أجبت على كل الأسئلة التي تغلف بعلامة استفهام ولكن غايتها إثارة نعرات لم نعرفها من قبل .وهنالك أسئلة كثيرة على العراقي أن يجيب عليها ، وهذا يعني في ما يعنيه علينا أن نحمل ثقافة تؤهلنا لمقاومة الأفكار التي بثت حولنا عبر ملايين الساعات من البث الفضائي المباشر منذ سقوط الطاغية وحتى يومنا هذا ، هذه الساعات التي كرست لرسم صورة أخرى للعراق وشعبه ، ما زالت بعض المحطات في التاسع من نيسان من كل عام لا تهتم بسقوط الطاغية ونظامه بقدر اهتمامها بما أسمته عمليات السلب والنهب !! حين تقول للأخوة العرب بأن الحياة في العراق تسير بشكل طبيعي رغم بعض العمليات التي تحدث هنا وهناك ، يأتيك الجواب بعدم الاقتناع، ويقولون لك بأن أخبار الحرب اليومية تملأ شاشات الفضائيات ، وتصريحات الساسة تعجّ بها الصحف اليومية ، هذه التصريحات التي لا يمكن أن نفهم شيئا منها سوى إنها مجرد تصريحات تبقي بعضهم تحت دائرة الضوء الإعلامي.والعراقي خارج العراق يعاني من مشكلتين الأولى: من أشقائه العرب الذين يصرون على إن العراق خراب ودمار وحروب ولا حياة فيه ، ويؤكدون حقيقة اقتنعوا بها تتمثل بأن كل من يعيش في العراق هو "عميل " وفق مفهوما لعمالة في أدبيات النظم القومية والشمولية ، وهذه العمالة دائما تكون لأمريكا ، أمريكا التي لها علاقات سياسية واقتصادية واستخبارية مع كل الدول العربية قبلنا ، وقواعدها في الكثير من هذه الدول قديمة ومع هذا نحن فقط نوصف " عملاء أمريكا " وغيرنا لا غبار عليه .والمشكلة الثانية التي يعانيها العراقي تتمثل بالعراقيين المقيمين في هذه الدول وأغلب هؤلاء يحملون أفكاراً تتشابه كثيراً مع أفكار أبناء البلد بحكم الضخ الإعلامي من جهة، ومن جهة ثانية بأن أغلب هؤلاء لا يمكنهم العودة للعراق لأنهم مطلوبون سواء للدولة العراقية أو لأشخاص، وليس بالضرورة أن يكونوا مطلوبين عن قضايا أمنية أو قضايا إرهاب بل بعضهم مطلوب بسبب قضايا اختلاسات وفساد مالي ، والبعض الآخر من المتورطين بجرائم إبادة في حقبة النظام الصدامي، وأسماؤهم موجودة في سجلات المحكمة الجنائية، وأملاكهم ما زالت تدار من قبل وكلاء لهم في العراق ووارداتها ترسل إليهم شهريا دون أن تتعرض للمصادرة، ويعيشون في " بحبوبة ونعيم "أي يأكلون ويشربون ويمرحون بأموال عراقية ويتنكرون للعراق وينتهزون أية فرصة للنيل منه .فكرت مع نفسي وقلت لماذا هؤلاء الأشقاء العرب ما زالوا متعلقين بصدام ؟ يبدو السؤال غريبا وقد يستهجنه البعض ، ولكنني وجدت جوابا، حيث إن نظام صدام استطاع أن يشتري ذمم نسبة كبيرة جدا من الكتاب ورؤساء التحرير لكبريات الصحف في أغلب الدول العربية ويدفع لهم بسخاء كبير كشفته كوبونات النفط ، كانت مهمة هؤلاء الكتاب تلميع صورة النظام ورئيس النظام وإبراز نشاطاته مهما كانت محدودة، ومحاولة جعله بطل قوميا عبر ملايين المقالات التي كتبت وآلاف الساعات الفضائية ، وهذا النهج كانت نتيجته أنه استطاع تجنيد فيلق من الأقلام المأجورة التي تكتب بالأمتار وحسب سعر صرف الدولار في بلدانها!ورغم إن هذا خطأ لا يمكن تكراره ولأن الأقلام العربية التي جفت مواردها بسقوط الصنم لم تعد تمسك الدولارات كما كانت حيث أصبحوا " أيتام صدام " هكذا يسمونهم ، هؤلاء أعادوا كتابة مقالاتهم السابقة التي تمدح النظام المباد وتنظر له ، أعادوا كتابتها بطريقة مختلفة وعكسية، وأيضاً وجدوا من يدفع لهم مقابل أن يشتموا العراق وحكام العراق وشعب العراق ، حتى إن أحدهم يستهزأ ويقول كيف سيمارس الحفاة الديمقراطية؟ الأولى بهم أن يلبسوا أحذية!! فما الذي بوسعن
فواتير بالعملة الصعبة
نشر في: 10 نوفمبر, 2010: 05:10 م