TOP

جريدة المدى > الملاحق > بوابة البلطيق.. ماضٍ يحكي كابوس الحرب وقصة الاستقلال

بوابة البلطيق.. ماضٍ يحكي كابوس الحرب وقصة الاستقلال

نشر في: 14 نوفمبر, 2010: 05:17 م

بعد عشرين سنة من انهيار حائط برلين زار كبير محرري لوفيغارو الفرنسية فرانسوا هوتر بلدان المعسكر الاشتراكي سابقاً، وكان من بينها لتوانيا فكتب هذه السطور حيث قال: في ريغا لا يزال كابوس الحرب العالمية الثانية جاثما على انفاس الجميع، واما الماضي الرهيب للحرب فمتجذر في العمق.
يقول الفنان الليتواني انتاناس بوزوسكاس-وهو يتحدث عن تاريخ بلدان هذه المنطقة (البلطيق)-: ان النهر يحمل معه الكثير من الطين حين تبدأ مياهه بالتدفق، مما يستدعي انتظار الكثير من الوقت حتى يعود الى وضعه الطبيعي.منذ المرحلة الثانية في هذه الرحلة، ومنذ وصولي الى ريغا عاصمة ليتوانيا، غرقت في بحر التاريخ. لقد استمعت الى متحدثين من اكاديمية العلوم وهو مبنى كبير يضم ايضاً الكاتدرائيات، واما الجدران فتمت صباغتها باللون الأخضر، في حين كان موديل الثريات قديما جدا ويعود الى سنوات الستينات.rnبنطال من عهد الإمبراطوريةلاحظت الغبطة على محيا الناس في كافتيريا الاكاديمية، حيث كانت النادلات يرتدين بنطالات، تعود بنا طريقة خياطتها لعهد الامبراطورية الروسية، فيما كان احد الفنيين يجر عربة محملة بالبطاطا، وايضاً بالبريد اليومي للاكاديميين، واما من كانوا في الكافتيريا فاحدثوا جلبة بصحون الشوربة، حيث كانت تسبح بعض كرات اللحم المفروم.هنا يأكلون كل شيء بما في ذلك اوراق السلطة التي تزين الطبق وقطعة الليمون التي توضع على اي صحن. تفوح رائحة الشيوعية في شوارع ريغا وفي لياليها الشتوية، حيث ترى الأوجه حزينة وايضاً منغلقة على ذاتها، فيما الشوارع متجهمة واصحاب سيارات الاجرة يتصارعون على الدور لنقل المواطنين الى مختلف الاتجاهات.أشباح في كل مكانوأما في الريف، فيوجد أكثر من ثلاثمائة قصر، لا تزال آثارها شاهدة على سباقات الفرسان الليتوانيين، الذين حكموا المنطقة ثمانية قرون، لكنهم خسروا أملاكهم بعد الحرب العالمية الأولى.لكن الأشباح تظهر في كل مكان هنا، ذلك أن ليتوانيا خسرت نصف سكانها في القرن العشرين.. فمنذ عشرة قرون، تعودت القوى المجاورة ويتعلق الأمر بالسويد وألمانيا وروسيا على اجتياح المنطقة وتقتيل شعبها لدى مرورها وهذا بمعدل مرتين كل مائة عام. وأما الوحشان هتلر وستالين فقد سفكا دماء الليتوانيين بقسوة لم تعرفها الكرة الأرضية من قبل.rnذكريات زمن غابرلا يتحدث الناس اطلاقاً عن الحرب العالمية الثانية في أوروبا، غير أن ساعة الزمن عادت بي الى الوراء في ريغا، حيث حدثني شباب في الاربعين عن أمهاتهم اللواتي قتلن أو ضعن في تلك الفترة، التي لم يستطعوا نسيانها، فالجرائم تلك وكأنها وقعت بالأمس فقط بالنسبة لهم.وفجأة فرضت هذه الذكريات نفسها على حديثنا، حيث عدنا الى مرحلة تقديس القادة والخضوع للقوة ومراقبة الأذكياء وتحويلهم الى روبوتات أو عبيد.لقد غادر آخر جندي في الجيش الأحمر ليتوانيا منذ 15 سنة فقط. وأما مقر وكالة الاستخبارات الواقع في مفترق الطرق بين شارعي بريفيباس (الحرية) وشارع ستابو (وهي آلة خشبية كان يعذب عليها المجرمون ليحرقوا بعد ذلك)، فما زال شاغراً حتى الساعة، ذلك أن لا أحد استغله.rnفي مبنى المخابراتلقد زرت دهاليزه والزنزانات التي كانت تشهد عمليات التعذيب واحداها كانت تشهد يومياً اعدام 25 شخصاً. كان من يدخل هنا يدخل للموت أو للترحيل الى معسكرات العمل. لقد اختفى هذا العالم ظاهرياً في ليتوانيا، لكنه لا يزال حاضراً في قلوب الليتوانيين وأرواحهم ويخنق عشرات الملايين من الأفراد في أوروبا الوسطى.لقد سمعنا بهذا في فرنسا وتعاطفنا مع الجميع والبعض عندنا قرأوا عن معسكرات العمل هذه في كتب الأديب الروسي سولجينيتسين، غير أن هذا الرعب لم يكن في يوم من الأيام جزءاً من يومياتنا، مثلما هي حال أولئك الذين التقيتهم في ليتوانيا واستونيا ولاتفيا.وأما الأمر الذي آلمني كثيراً في رحلتي بين أطراف أوروبا فهي تلك المسافة المعتبرة التي تفصل بين تاريخ منطقة وأخرى. ان الأمر يمثل حاجزاً حقيقياً بيننا، خصوصا أن التاريخ في ليتوانيا يمثل مشكلة قائمة لحد الساعة، ومشكلة يتحدث عنها الكبير والصغير والشاب، حيث كل واحد يحاول أن يروي ويفسر الأحداث وينسجها وفق منظوره.rnبوابة البلطيقلقد استمر هذا الاحتلال 44 عاماً، وهو ما بقي لصيقا بالاذهان، لان الليتوانيين المرحلين تم تعويضهم بالروس، ذلك ان ليتوانيا مثلها مثل دول البلطيق هي بوابة روسيا على بحر البلطيق.هكذا شاهدت ريغا بعد 18 سنة من قبول السوفيت استقلال دول البلطيق في عام 1991، واليوم فان 35 في المائة من سكان ليتوانيا يتحدثون الروسية التي يتحدثها ايضاً 65 في المائة من سكان ريغا.يتماوج السكان هنا بين ثقافتين وبين تاريخين ايضاً، وبالنسبة للروس، يعتبر النازيون وحوشا، واما الليتوانيون المنحدرون من اصول المانية فيعتقدون ان لا شيء يمكن مقارنته بوحشية الشيوعية السوفيتية، لكني خلصت الى ان مسألة الهوية في ليتوانيا قضية ذات اولوية.rnفي نافرا الأستونيةومن ريغا الى نافرا وهي نقطة التقاء الاتحاد الاوروبي بروسيا، واستونيا التي عاشت سنوات الاحتلال، لم تعد اليوم مهددة من قبل الاتحاد السوفيتي بعد 20 سنة من انتهاء الحرب الباردة.كان جدي في نهاية ثلاثينات القرن الماضي يسبح في نه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة
الملاحق

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة

  دمشق / BBCبعد أيام من سقوط القذائف السورية عبر الحدود إلى تركيا، ما يزال التوتر وأعمال القتل، تتصاعد على جانبي الحدود، في وقت أعلن فيه مقاتلو المعارضة قرب السيطرة على معسكر للجيش النظامي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram